للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مناسبة الآية للباب:

مطابقة، لأن فيها ما يدل على كفر من هزل بشيء فيه ذكر الله، أو الرسول، أو القرآن.

فوائد الآية:

١ - أن الاستهزاء بالله، والقرآن، والرسول، كفر ينافي التوحيد. وبعض جفاة العوام، في بعض المجتمعات الإسلامية يتفوهون بكلمات لا يحسبون لها حسابًا، تقشعر لها الأبدان، فيسبون الدين، وهذا استهزاء وزيادة.، فمن استهزأ بالله أو بالقرآن أو بالرسول فقد كفر كفراً مخرجاً من الملة؛ لأنه طعن في أصل الاعتقاد.

٢ - أن من قال الكفر، أو فعل الكفر، حتى لو لم يعلم أنه كفر، حُكم أن مقالته، أو فعله كفر، أما تحقيق الحكم عليه فيتوقف على انتفاء الموانع، وتمام الشروط؛ لأنه ربما كان مكرهاً، أو جاهلًا، أو مخطئًا، أو غير ذلك. ولما علم الله من حال هؤلاء المنافقين الكفر، قال: ﴿لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ﴾ [التوبة: ٦٦].

٣ - وجوب تعظيم الله، وكتابه، ورسوله؛ كما قال الله عن المؤمنين: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ [الأنفال: ٢] فينبغي للمؤمن إذا قرع سمعه ذكر الله ﷿ أن يكون له حال غير الحال التي كان فيها؛ بأن يقوم في قلبه من الإجلال والتعظيم، لله رب العالمين، ما يدل على وجله، وكذلك حين يذكر القرآن، أو يُؤتى به. وكان النبي يعظم كتب الله، فلما دعته اليهود يوماً إلى الحكم في مسألة عرضت لهم، قال: ﴿فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [آل عمران: ٩٣]، فأتوا بالتوراة يحملونها، "وقد كان جالساً على وسادة، فلما أُتي بالتوراة نزع الوسادة من تحته، فوضع التوراة عليها، ثم قال: "آمنت بك، وبمن أنزلك" (١)، هكذا عظّم كلام الله، فكيف بالقرآن العظيم، الذي هو أعظم كُتب الله، وأكملها، وأحدثها عهدًا به؟! وكان


(١) أخرجه أبو داود في كتاب الحدود، باب في رجم اليهوديين برقم (٤٤٤٩) وحسنه الألباني.

<<  <  ج: ص:  >  >>