للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثانية: فهم الإنسان إذا كان له هوى.

كما فهمت يهود، وميزوا الصحيح والباطل من الألفاظ؛ لما كان لهم هوى التنقص واللوم.

الثالثة: قوله : "أجعلتني لله نداً؟ " فكيف بمن قال: مالي من ألوذ به سواك … والبيتين بعده؟ (١).

أي: إذا كان النبي أنكر على من قال: "ما شاء الله وشئت" وقال: "أجعلتني لله نداً؟ " فكيف بمن قال: ما هو أعظم من ذلك؟! وألمح المصنف إلى أبيات البوصيري التي غلا فيها في مدح النبي إذ يقول:

يا أكرَمَ الرُّسْلِ ما لي مَنْ أَلُوذُ به … سِوَاكَ عندَ حلولِ الحادِثِ العَمِمِ

إنْ لَمْ يَكُنْ في مَعادِي آخِذاً بِيَدِي … فضلاً وإلا فقلْ: يا زَلَّةَ القدمِ

فإنَّ من جُودِكَ الدنيا وَضَرَّتها … وَمِنْ عُلُومِكَ عِلْمَ اللّوحِ وَالقَلمِ (٢).

حيث وحَّده باللياذ، والفضل، وملك الدنيا والآخرة، وعلم اللوح والقلم! فماذا أبقى لله؟

الرابعة: أن هذا ليس من الشرك الأكبر؛ لقوله: "منعني كذا وكذا".

إذ لو كان يبلغ مبلغ الشرك الأكبر لم يمنعه الحياء، ولم يتردد في النهي عنه.

الخامسة: أن الرؤيا الصالحة من أقسام الوحي.

وقد ذكر النبي ذلك صريحاً في قوله: "الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة" (٣)؛ ووجه هذا التقسيم: أن النبي بدئ بالرؤيا


(١) ديوان البوصيري (ص: ٢٥١ - ٢٥٢).
(٢) ديوان البوصيري (ص: ٢٥١ - ٢٥٢).
(٣) أخرجه البخاري في كتاب التعبير، باب: الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة برقم (٦٩٨٩) عن أبي سعيد الخدري. ومسلم في كتاب الرؤيا برقم (٨) عن أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>