٤ - أن الإيمان يتفاضل، ويزيد وينقص؛ للتفاوت في مجاهدة الهوى، واتباع الهدى.
٥ - أن الإيمان التام يستلزم الموافقة التامة، ظاهراً وباطناً، وهذا أصل من أصول أهل السنة والجماعة: أن العمل لازم الإيمان، لا ينفك عنه، ولا يُتصَور بدونه، فلأجل ذا قال أهل السنة: الإيمان قول وعمل. وقالت المرجئة: الإيمان اعتقاد بالقلب، وأرجأوا العمل عن مُسمى الإيمان.
٦ - انتفاء الإيمان الواجب عن أهل البدع، والأهواء، والفساق؛ لأنهم لم يجعلوا هواهم تبعاً لما جاء به ﷺ، ومالوا إلى مناهج ومسالك منحرفة.
٧ - أن محبة الأشخاص، والأعمال، والأمكنة، والأزمنة، متعلقة بكمال الإيمان، ونقص ذلك نقص في الإيمان؛ فمزاج المؤمن يتكيف تكيفاً إيمانياً، فيحب محبوبات الله، فيحب من الأزمنة: شهر رمضان، ومن الأمكنة مكة، والمدينة، وبيت المقدس، ويحب من الأشخاص والذوات: المتقين، والمحسنين، والصابرين، ويحب من الهيئات: الركوع، والسجود، ويحب من الأقوال الدعاء، وسائر الكلم الطيب، والعمل الصالح، ويكره أضدادها.
قوله:"وقال الشعبي" الشعبي: هو عامر بن شراحيل الشعبي، الكوفي. إمام مشهور، تابعي ثقة، فقيه، فاضل. مات بعد المائة. ﵀.
قوله:"كان بين رجل من المنافقين ورجل من اليهود خصومة، فقال اليهودي: نتحاكم إلى محمد. عرف أنه لا يأخذ الرشوة" الذي حمل اليهودي على الترافع إلى النبي ﷺ علمه أنه لا يأخذ الرشوة، وهي: ما يعطاه الحاكم من أحد المتخاصمين ليحابيه في القضية، وكأن هذا اليهودي علم أن الحق إلى جانبه، وأنه سيحكم له، وإلا فليس هذا تعظيمًا منه للنبي ﷺ.
قوله: وقال المنافق: نتحاكم إلى اليهود، لعلمه أنهم يأخذون الرشوة" لعلمه أنهم أكالون للسحت، فأراد أن يرشيهم ليحصل له مراده.
قوله: "فاتفقا على أن يأتيا كاهناً من جهينة فيتحاكما إليه" أي: لما اختلفا، هداهما الشيطان إلى أن يتحاكما إلى كاهن من جهينة، والكهان -كما سبق- موجودون في كل حي من أحياء العرب، ويكون لأحدهم رئي من الجن يستعين به.