أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾، فصار هواهم تبعاً لما جاء به. ومما يؤيده أيضاً قول الله تعالى: ﴿فَإِنْ لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ﴾ [القصص: ٥٠] فدلّ ذلك على منافاة اتباع الهوى للإيمان. والمقصود بالهوى: ما تميل إليه النفس وتحبه مما يخالف الشرع.
وقوله:"تبعاً لما جئت به" أن يحب ما أمر الله به رسوله، ويكره ما نهى الله عنه ورسوله، فيمتثل الأوامر حتى لو وَجد في نفسه ثُقْلاً، ويترك المناهي ولو وجد في نفسه رغبة إليها، فهذا دليل على تقديمه محاب الله ومحاب رسوله على هوى نفسه، فالعبرة بالعمل. ووجود الغريزة الطبعية لا يقدح في إيمانه، بل تركها لله يدل على صحة الإيمان؛ لكونه طرح هوى نفسه، وامتثل أمره، واجتنب نهيه.
مناسبة الحديث للباب:
ظاهرة، لدلالته على نفي الإيمان عمن لم يمتثل أمر الله، ولم يطمئن إلى شرعه.
فوائد الحديث:
١ - وجوب محبة ما جاء به الرسول ﷺ؛ وهذا يحصل بالمجاهدة والدربة، وربما كان الإنسان في وقت من الأوقات يكره بعض ما جاءت به السنة، لكن بالمجاهدة يريه الله الحق حقًا، والباطل باطلًا، والحسن حسناً، والقبيح قبيحاً. ولنضرب لذلك مثلاً: بعض الناس يرى في حلق اللحية جمالاً، ونضارةً، ونظافةً، وفي إعفائها عكس ذلك، ويجد في نفسه غضاضة، وكرهًا، لكنه إذا جاهد نفسه، وتذكر أن هذا هدي محمد ﷺ طابت نفسه فيما بعد، وأحب محبوبات الله، ومحبوبات نبيه ﷺ. وبعض الناس يكون من البداية قريباً من الفطرة، سليمًا من التكلف، فلا يحتاج إلى عناء شديد ليجعل هواه تبعاً لما جاء به النبي ﷺ.
٢ - وجوب بغض ما خالف ما جاء به النبي ﷺ.
٣ - انتفاء الإيمان الواجب عمن كان هواه غير تابع لما جاء به رسول الله.