وأما الإفساد المعنوي فإنه يتعلق بالعقائد، والقيم، والأخلاق، وهذا شيء قد يموت عليه الشخص، فيخسر الدنيا والآخرة معًا. فنهاهم المؤمنون عن الإفساد في الأرض بصنوف الكفر، والمعاصي، والوشاية، والسعاية، للإضرار بالمؤمنين.
قوله: ﴿قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ﴾ أي: ما نحن فيه إصلاح، وليس بفساد، هكذا زعموا!.
مناسبة الآية للباب:
خفية، وذلك أن المنافقين، يتذرعون بالمزاعم الباطلة، ودعاوى الإصلاح، ومع ذلك يتحاكمون إلى غير ما أنزل الله، ويتركون شريعة الله التي يحصل بها الصلاح والإصلاح.
فوائد الآية:
١ - التحذير من التحاكم إلى الأنظمة الوضعية المخالفة للشريعة الإسلامية.
٢ - أن الضالين يعتقدون أنهم مصلحون؛ فلا عجب إذا رُئي ينافح عن فكرته، ويظهر عليه أثر الغيرة والحمية؛ لأنه ربما رأى في رأيه الفاسد، أنه مصلح، والأمر ليس كذلك.
٣ - التحذير من الإعجاب بالرأي، فلا يُجزم إلا بنص معصوم، أما مجرد الرأي فيعرض على النص، فإن وافقه فالحمد لله، وإلا فالمعول على الدليل متى استبان وظهر. ومن الناس من يعجب برأيه؛ ولهذا جعل النبي ﷺ ذلك من مسوغات العزلة، فقال:"وإعجاب كل ذي رأي برأيه"(١). فينبغي للإنسان أن يوطن نفسه على اتهام رأيه، وأنه قابل للخطأ، فيما لا نص فيه قاطع، فإذا وجد النص، فالعصمة في كتاب الله وسنة نبيه ﷺ.
(١) أخرجه الترمذي ت شاكر في أبواب تفسير القرآن، باب ومن سورة المائدة برقم (٣٠٥٨) وأبو داود في كتاب الملاحم، باب الأمر والنهي برقم (٤٣٤١) وابن ماجه في كتاب الفتن، باب قوله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم﴾ [المائدة: ١٠٥] برقم (٤٠١٤) وقال الألباني: "ضعيف، لكن بعضه صحيح".