عليهم اسم "العلمانيين"(١) أو "الليبراليين"(٢)، فإنهم يحملون أسماء أهل الإسلام: كعبد الله، وعبد الرحمن، ولكن وجوههم لا تولي شطر المسجد الحرام، بل تستقبل الغرب! فهم مفتونون بالغرب في ثقافاتهم، وآدابهم، واقتصادهم، واجتماعهم. وهم يشاركون سلفهم بهذه الأوصاف:
- ﴿يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ﴾ ويقولون: نحن من جملة المؤمنين. - ﴿يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ﴾ فهم معجبون بفلاسفة الغرب، ومنظريهم، وقادتهم، ومفكريهم، فألسنتهم تلهج بذكر هؤلاء، وقلَّ أن يذكروا آية أو حديثاً، أو يستشهدوا بقول عالم من علماء الملة، بل هم في الواقع، يريدون استبعاد الشريعة، وتطبيق القوانين الوضعية، وتغيير حال المرأة في المجتمع، وأن يكون الاقتصاد ربوياً، وأن يشاكلوا الغرب والشرق في جميع أحوالهم، وينزعوا صبغة الله التي صبغ بها عباده المؤمنين.
- ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا﴾ إذا صاح بهم أهل العلم والإيمان، وقالوا لهم: اتقوا الله، وردوا الأمر إلى الله ورسوله، صدُّوا، وأعرضوا، وسخروا بأهل العلم، ورجال الحسبة، ويصمونهم بألقاب السوء.
(١) (العَلمانية و العَلمنة،: مأخوذة من العالَم، وليس من العِلم، وإنما النسبة إلى العالَم، أي: الدنيا؛ إذ أن أصل هذه اللفظة في اللغة الإنجليزية Secularism"" معناها: الدنيوية، بمقابل الدينية؛ وذلك أن النصارى الغربيين يقسمون المجتمع إلى "رجال دين"، وهم رجال الكهنوت، أو (الإكليروس) الذين ينضوون في رتب تحت مظلة الكنيسة، و"رجال دنيا"، ويسمونهم عَلمانيين، ولا يعدون ذلك سُبة، وحقيق أن تُسمى الدنيوية، بدلًا من العلمانية، حتى لا تلتبس النسبة بالعلم. والمراد بالعَلمانية: إقصاء الدين عن أمور الحياة، بحيث يظل في أحسن الأحوال سلوكاً شخصياً، لا شأن له بأمور الدنيا، من الثقافة، والسياسة، والاقتصاد، والاجتماع، وغير ذلك من مناحي الحياة. (٢) (الليبرالية: مأخوذة من كلمة، " Liberalism" معناها: الحرية، وهو مذهب فكري يدعو إلى التحرر من كل شيء، وألا يكون الإنسان متقيداً، ولا منضبطاً بدين ولا شرع، بل يفعل ما يمليه عليه عقله ورأيه، فلا يلزم الإنسان، في نظرهم، اتباع الأنبياء. وكلمة "الحرية" محببة للنفوس، لكنها حرية منفلتة، فينبغي أن تُعرّف الليبرالية: بالانفلات المطلق، كما فسرها منظروها أنفسهم. ولا شك أن هذا مناقض لأصول الديانات؛ إذ أن الدين هو المنهج والشريعة التي يسلكها العبد في سبيل إرضاء ربه.