للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأول: أن المنافقين ﴿يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ﴾، والمتكلمون يقولون: نحن من جملة المسلمين، ونحن من أهل القبلة. فالزعم حاصل من الطرفين.

الثاني: أن المنافقين ﴿يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ﴾، والمتكلمون يتحاكمون إلى منطق أرسطو، وفلسفة اليونان، ثم يستدعون نصوص الكتاب والسنة، فإن هي وافقت ما دلتهم عليه عقولهم ومقدماتهم قبلوها، واعتبروها أدلة مساندة، بمنزلة الشهود الزائدين على النصاب، وإن هي عارضت ما توصلوا إليه استعملوا معها أحد طريقين:

١ - الرد: إن كان حديث آحاد، ويزعمون أنه لا يُؤخذ بأحاديث الآحاد في مسائل الاعتقاد.

٢ - التأويل: إن كان آية محكمة، أو حديثاً متواتراً، فيلوون أعناق النصوص؛ لتوافق ما أملته عليهم عقولهم.

الثالث: أن المنافقين ﴿وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا﴾، والمتكلمون زين لهم الشيطان علوم اليونان، وزخرفها لهم، وأنها سبيل الحصول على العلم القطعي اليقيني، ومع هذا لم يحصِّلوا العلم القطعي اليقيني بمسلكهم ذلك، بل ضلوا ضلالًا بعيدًا.

الرابع: أن المنافقين ﴿إِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا﴾ والمتكلمون، إذا دعوا إلى علوم الكتاب والسنة، والتحاكم إلى الآثار، أشاحوا بوجوههم، ونبزوا أهل السنة بألقاب السوء، وقالوا: أنتم حشْوية، أو نوابت، وسخروا منهم.

الخامس: أن المنافقين ﴿إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا﴾ والمتكلمون إذا صيح بهم، وخشوا افتضاح طريقتهم، اعتذروا بأنهم سلكوا هذا المسلك للتوفيق بين الأدلة النقلية والعقلية.

ويشبه هؤلاء، وهؤلاء، فئة ثالثة، وهم منافقو هذا الزمان، الذين يطلق

<<  <  ج: ص:  >  >>