"الناموس" وهو شريعة موسى، حينما دخل في دينهم رجل يقال له: بولس، يسمونه القديس (بولس) فزعم أن من آمن بالمسيح إلهاً مخلصاً، فإنه يتبرر، أي: يصبح باراً، ويسقط عنه الناموس، ولا تلزمه شريعة. فكلما أرادوا أن يغيروا في دينهم، وشرعهم، عقدوا ما يسمونه بالمجمع المسكوني، وهو مجمع يتنادون له، ويجمعون فيه جميع أساقفة الأرض المسكونة، ويزعمون أن روح القدس يهديهم، ويرشدهم، ويصوب ما يصدر عن ذلك المجمع من قرارات، فتكتسب صفة العصمة. فهذا معنى قول النبي ﷺ:"أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه، ويحلون ما حرم الله فتحلونه؟ فتلك عبادتهم".
قوله: ﴿اتَّخَذُوا﴾ أي: جعلوا، والضمير يرجع إلى اليهود والنصارى معاً.
قوله: ﴿أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ﴾ الأحبار: علماء اليهود، والرهبان: عباد النصارى.
قوله: ﴿أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ ووجه اتخاذهم إياهم أرباباً، كونهم أعطوهم حق الحكم والتشريع، والحكم من خصائص الله، كما قال الله: ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ﴾ [الأنعام: ٥٧]، وكذلك التشريع، كما قال تعالى: ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ﴾ [الشورى: ٢١]. فهم صرفوا ذلك لغير الله، فنازعوا الله تعالى في الربوبية، فهذا شرك في الربوبية، ثم إن طاعتهم إياهم في ذلك شرك في الألوهية، فأخلوا بتوحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية معاً.
مناسبة الحديث للباب:
مطابق للترجمة، لما تضمنه من إنكار النبي ﷺ طاعة العلماء في تحليل ما حرم الله، وتحريم ما أحل الله.
فوائد الحديث:
١ - أنّ طاعة العلماء والأمراء في التحليل والتحريم، بخلاف ما شرع الله، بمنزلة عبادتهم.