وتحريم ما أحل الله. وهذا الحديث رواه ابن جرير (١)، والبيهقي (٢)، والطبراني (٣)، وابن سعد (٤)، وابن مردويه (٥)، وحسنه شيخ الإسلام في كتاب الإيمان (٦)، وبعضهم نقل تحسين الترمذي، لكن الصحيح أن عبارة الترمذي:"هذا حديث غريب لا نعرفه، إلا من حديث عبد السلام بن حرب، وعطيف بن أعين ليس بمعروف في الحديث"(٧). ولعل التحسين المنسوب إلى الترمذي وقع في بعض النسخ، وعموماً فإن هذا الحديث له طرق يقوي بعضها بعضاً، وحسبك بتحسين شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀ له.
واليهود والنصارى يعبثون بالشريعة، فيحلون ما حرم الله، ويحرمون ما أحل الله:
- أما اليهود: فوقائعهم في هذا كثيرة، لكن أسلوبهم أسلوب الحيل، فإذا أرادوا أن يحللوا أو يحرموا، تحايلوا على شرع الله، ولم يغيروا اللفظ نصاً، لكن يتحايلون عليه بأنواع الحيل، ومن ذلك: ما أخبر عنه النبي ﷺ: "قاتل الله اليهود إن الله لما حرم شحومها -أي الميتة- جملوه، ثم باعوه، فأكلوا ثمنه"(٨)، كما حرفوا حكم الرجم، وجعلوا مكانه التحميم -أي التسويد- والجلد (٩). وقصة أصحاب السبت، في التحايل على صيد الحيتان، معلومة مشهورة. ولم يزل هذا المسلك الدنيء مصاحبًا لهم حتى يومنا هذا.
- وأما النصارى: فإنهم اتخذوا دينهم هزواً ولعباً، فكان أن أبطلوا
(١) تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر برقم (١٦٦٣٢). (٢) سنن البيهقي الكبرى برقم (٢٠١٣٧). (٣) المعجم الكبير - الطبراني برقم (١٣٦٧٣). (٤) الطبقات الكبير لابن سعد (٦/ ٢١٧). (٥) كذا قال في الدر المنثور في التفسير بالمأثور (٧/ ٣٢٤) ولعله أخرجه ابن مردويه في تفسيره. (٦) ضمن مجموع الفتاوى (٧/ ٦٧). (٧) سنن الترمذي ت شاكر (٥/ ٢٧٨) (٣٠٩٥). (٨) أخرجه البخاري في كتاب البيوع، باب بيع الميتة والأصنام برقم (٢٢٣٦) ومسلم في المساقاة، باب تحريم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام برقم (١٥٨١). (٩) أخرجه مسلم في كتاب الحدود، باب رجم اليهود أهل الذمة في الزنى برقم (١٧٠٠).