للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نهى عنه، ثم تخذف، لا أكلمك أبداً" (١)، وفي هذه الأزمنة بتنا نرى من يملأ أعمدة الصحف، والوسائط الالكترونية، في الطعن في كلام النبي ، ويرد ذلك، فإلى الله المشتكي. وقد أخبر النبي عن هذا، فقال: "سيأتي على الناس سنوات خداعات، يصدق فيها الكاذب، ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن، ويخوَّن فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة" قيل: وما الرويبضة؟ قال: "الرجل التافه في أمر العامة" (٢)، فصرنا نرى الرجل التافه، الذي لا علم عنده، يتكلم في الأمور العامة، ذات الأثر الخطير، مما لا ينبغي الكلام فيها إلا لمرجعية علمية معتبرة.

ثم قال : "عن عدي بن حاتم أنه سمع النبي " عدي هو أحد أصحاب النبي ، وأبوه حاتم الطائي الذي يضرب به المثل في الكرم، وكان عدي قد اعتنق النصرانية، وصار ركوسياً، ثم فر من النبي ، وكانت له أخت عاقلة، فما زالت تراسله حتى أقنعته بأن يرجع إلى النبي ، ويعتنق الإسلام، فرجع إلى النبي فدخل على النبي ، وكان عليه صليبٌ من ذهب، ففرح بمقدمه، وكان جالسًا على وسادة، فنزع الوسادة وألقاها له، فسمعه يقرأ: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [التوبة: ٣١].

قوله: "فقلت إنا لسنا نعبدهم" ظن أن اتخاذهم أربابًا، أن يخر راكعاً أو ساجداً، للأحبار والرهبان، فنفى عبادتهم إياهم.

قوله: "أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه، ويحلون ما حرم الله فتحلونه؟ " فقال: "بلى" "قال: "فتلك عبادتهم" " لأنهم أطاعوهم في تحليل ما حرم الله،


(١) أخرجه مسلم في كتاب الصيد والذبائح وما يؤكل من الحيوان، باب إباحة ما يستعان به على الاصطياد والعدو، وكراهة الخذف برقم (١٩٥٤).
(٢) أخرجه ابن ماجه في كتاب الفتن، باب الصبر على البلاء برقم (٤٠٣٦) وصححه الألباني.

<<  <  ج: ص:  >  >>