النبي ﷺ:"كم من أشعث أغبر ذي طمرين، لا يؤبه له، لو أقسم على الله لأبره" وفي رواية: "مدفوع بالأبواب"(١)، أي: إذا همّ أن يدخل قيل له: ارجع وراءك، لكنه لو أقسم على الله لأبره! أي: لما بينه وبين ربه من ولاية. قال النبي ﷺ:"منهم البراء بن مالك"(٢)، فيا لها من شهادة عظيمة للبراء؛ ولهذا كان المسلمون إذا قاتلوا عدوهم، وحمى الوطيس، نادوا: يا براء، أقسم على ربك أن يمنحنا أكتافهم، فما هو إلا أن يقسم حتى يُهزم القوم، ويولون الدبر.
فهؤلاء أهل الله وخاصته، كما وصفهم النبي ﷺ، لا يريدون الدنيا. ومما يُروى أن محمد بن واسع ﵀ شهد موقعة، وأظفر الله المسلمين بغنائم، فكان من نصيبه تاج مرصع بجواهر، فوضعه في كمه ومضى، فتبعه رجل من أصحاب الأمير لينظر ما يصنع به؟! فمر بسائل يسأل صدقة، فأخرج التاج من كمه ودفعه إليه، ومضى لا يبالى، يقول الرجل: فأرضيت هذا السائل بشيء، وأخذته (٣)، فشتان بين الناس.
مناسبة الحديث للباب:
ظاهرة، لما تضمنه من ذم العمل لأجل الدنيا؛ ووصفه بالعبودية لها، ومدح العمل لأجل الآخرة.
فوائد الحديث:
١ - ذم العمل لأجل الدنيا وإرادتها.
٢ - مدح العمل لأجل الآخرة، والإخلاص لله ﷿.
٣ - أن إرادة الإنسان بعمله الدنيا وزينتها نوع من العبودية لغير الله.
٤ - فضل التواضع والإخبات.
٥ - فضل الجهاد في سبيل الله ﷿.
(١) أخرجه مسلم في كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب النار يدخلها الجبارون والجنة يدخلها الضعفاء برقم (٢٨٥٤). (٢) أخرجه الترمذي ت شاكر في أبواب المناقب، باب مناقب البراء بن مالك ﵁ برقم (٣٨٥٤) وصححه الألباني. (٣) البداية والنهاية (٩/ ١٩٩) وتاريخ الطبري (٦/ ٥٣٩).