للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأجاب : أن هذا شرك، أما التوكيل فيجوز؛ لأنه استنابة (١)، فَفَرَقَ بين التوكل والتوكيل. وسُئل أيضاً عن قول بعض العامة: متوكل على الله ثم عليك، فأجاب: هذا شرك، وإنما يقول: موكلك، ولا يقول: موكل الله ثم موكلك، فإن هذه عامية، وليست في محلها (٢). وعلّق ابن قاسم تلميذ الشيخ على هذه المسألة، فقال: والفرق بين هذا وبين أعوذ بالله ثم بك: أنه يجوز الاستعاذة بالمخلوق مفرداً فيما يقدر عليه، بخلاف التوكل، فإنه كله عبادة، كما لا يجوز: أسجد لله، ثم لك، أو أعبد الله، ثم أعبدك يا فلان، كذلك لا يجوز أن يقول: أتوكل على الله، ثم عليك (٣).

وبهذا يتبيّن أن التوكل عبادة خالصة، لا تنقسم، أما مطلق الاعتماد، ففيه التفصيل:

- فما كان فيما لا يقدر عليه إلا الله فهو التوكل الذي لا يجوز صرفه إلا لله، وكذا لو نادى غائباً، وقال: أنت وكيلي في كذا وكذا،، فهذا يلتحق بالشرك؛ لأنه يدعو غائباً، ويعتمد عليه.

- وما كان في مقدور العباد، فهو توكيل سائغ، إذا كانوا أهلاً لذلك، كما لو قال لشخص حاضر قادر: وكلتك أن تبني لي هذا الحائط، أو: وكلتك أن تستخرج لي صكاً شرعياً بملكية هذه الأرض، فهذا لا بأس به.

فوائد الآية:

١ - وجوب التوكل على الله ﷿؛ وأنه عبادة لا يجوز صرفها لغيره، فمن صرفها لغيره، فقد وقع في الشرك الأكبر.

٢ - أن التوكل من أعظم أسباب القوة والنصر؛ لأن هذا قيل لهم بين يدي فتح وجهاد.

٣ - أن التوكل شرط في صحة الإيمان.


(١) فتاوى ورسائل محمد بن إبراهيم آل الشيخ (١/ ١٥٠).
(٢) فتاوى ورسائل محمد بن إبراهيم آل الشيخ (١/ ١٥٠).
(٣) في تعليقه على فتاوى ورسائل محمد بن إبراهيم آل الشيخ (١/ ١٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>