للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - أنّ الخوف من غير الله، فيما لا يقدر عليه إلا الله، شرك مخرج عن الملة.

٣ - وجوب الحذر من مكائد الشيطان، وتخويفه، وإجلابه بخيله ورجله.

ثم ثنّى المصنف بقول الله تعالى: ﴿إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ﴾ وتمام هذه الآية: ﴿فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ﴾ [التوبة: ١٨].

فقوله: ﴿إِنَّمَا﴾ أداة حصر. فهذه هي صفات المؤمنين الخلص.

قوله: ﴿يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ عمارة المساجد على ضربين:

- عمارة حسية: ببنائها بما جرت العادة من البناء؛ إما من اللبن والطين، أو من الإسمنت والحديد، بحسب اختلاف الأحوال، وقد جاء في الحديث المتواتر: "من بنى مسجداً لله كمفحص قطاة (١)، أو أصغر، بنى الله له بيتاً في الجنة" (٢)، فلا شك أن العمارة الحسية لبيوت الله من أعظم الفضائل.

- عمارة معنوية: وهي عمارتها بذكر الله، وإقام الصلاة، فإن المساجد إنما بُنيت لذلك. قال تعالى: ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (٣٦) رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (٣٧) لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ [النور: ٣٧، ٣٨].

قوله: ﴿مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ﴾ هؤلاء هم العمار الحقيقيون، وليست العمارة بمجرد تشييد المباني، بل العمارة الحقيقية تكون ب:

- الإيمان بالله وحده؛ بربوبيته، وألوهيته، وأسمائه وصفاته.


(١) كمفحص قطاة: هو موضعها الذي تجثم فيه وتبيض؛ لأنها تفحص عنه التراب، وهذا مذكور لإفادة المبالغة، وإلا فأقل المسجد أن يكون موضعاً لصلاة واحد. ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (٣/ ٤١٥) بتصرف.
(٢) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب من بنى لله مسجداً برقم (٧٣٨) وصححه الألباني.

<<  <  ج: ص:  >  >>