للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "فلما انصرف، أقبل على الناس" أي: لما فرغ من صلاته، أقبل عليهم بوجهه وخطابه. قوله: "هل تدرون؟ " " أسلوب استفهام، والغرض منه تنبيه الأذهان.

قوله: " "ماذا قال ربكم؟ " قالوا: الله ورسوله أعلم" هذه الجملة تقال في زمن النبي بإطلاق؛ في الأمور الشرعية والكونية، أما بعد زمن النبي فلا يقال: الله ورسوله أعلم إلا في الأمور الشرعية. فلو قيل لك: هل قدم فلان من السفر؟ فلا تقل: الله ورسوله أعلم، وإنما: الله أعلم، ولو قيل لك: ما حكم كذا، في أمر لا تعلمه؟ فيصلح أن تقول: الله ورسوله أعلم. قوله: "أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر" هذا الكفر ليس كفراً مخرجًا عن الملة؛ لأن العبودية المذكورة هنا عبودية الإيمان، كما أنه صادر عن جهل.

"فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته؛ فذلك مؤمن بي، كافر بالكوكب" هذه الجملة قالها المؤمنون، فاكتسبت صفة الذكر المشروع، بإقرار الله تعالى، وإقرار النبي لها، فجمعت بين الفضل والرحمة، كما في الآية الأخرى: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾ [يونس: ٥٨].

"وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا، فذلك كافر بي، مؤمن بالكوكب" ووجه كفره: أنه وقع منه لفظ ينافي التوحيد الواجب، حيث نسب المطر إلى النجم، فيكون شركًا أصغر، ولو صدر من معتقد أن النوء هو المؤثر لكان شركًا أكبر، مخرجًا عن الملة، لكن هذا لا يتصور من الصحابة -رضوان الله عليهم-، فعلمهم النبي ما ينبغي لهم أن يقولوه.

قوله: "ولهما: من حديث ابن عباس" أي: غير حديث زيد بن خالد، أي: فيه زيادة.

قوله: "قال بعضهم: لقد صدق نوء كذا وكذا، فأنزل الله هذه الآية: ﴿فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ﴾ إلى قوله: ﴿تُكَذِّبُونَ﴾ " لا يزال الناس، إلى يومنا هذا، حين يقع مطر في موسم معين، يقولون: صدق نوء كذا وكذا! وهذا من شرك الألفاظ، وهو من أنواع الشرك الأصغر، فأنزل الله تعالى هذه الآية: ﴿فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ﴾ الآيات.

<<  <  ج: ص:  >  >>