للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمسكين، وحج، واعتمر، واستعمل هذه الجوارح فيما يقرب به إلى الله ﷿، حتى إماطة الأذى عن الطريق.

قوله: "وعن أبي مالك الأشعري" الحارث بن الحارث، الأشعري، الشامي . قوله: "أربع في أمتي من أمر الجاهلية، لا يتركونهن" هذا عَلَمٌ من أعلام النبوة؛ يخبر النبي بأربع خصال مذمومة، مما كان عليه أهل الجاهلية، تظل سارية في عموم الأمة، لا في جميع أفرادها، والواقع شاهد على ذلك. والجاهلية: الفترة التي سبقت الإسلام، كما سماها الله تعالى في كتابه: ﴿وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى﴾ [الأحزاب: ٣٣] وهي منسوبة إلى الجهل؛ وهو عدم العلم، فإن العلم إنما أتى الله به مع نبيه بوحي السماء، كما قال الله: ﴿وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ﴾ [الجمعة: ٢].

وكونهن من خصال الجاهلية، لا يقتضي كفر من وقع فيها، فقد يتلبس الإنسان بخصلة من خصال الجاهلية ولا يكون بذلك كافراً؛ كما قال النبي لأبي ذر عندما قال لبلال: يا ابن السوداء: "إنك امرؤ فيك جاهلية" (١) أي: فيك خصلة من خصال الجاهلية، فقد يعلق بالمسلم شيء من أمور الجاهلية، فلا يتخلص منه إلا بالمجاهدة، كما في هذه الخصال المذكورة:

الأولى: "الفخر بالأحساب" وهو التعاظم على الناس بالآباء، والمآثر، كأن يقال: نحن قبيلة كذا، وفينا كذا، وفعلنا كذا. ولم يزل هذا موجوداً في الناس إلى يومنا هذا، "ومن بطأ به عمله، لم يسرع به نسبه" (٢).

الثانية: "الطعن في الأنساب" وهو: تنقص الناس بالعيب، كأن يقال: هذا لا أصل له، وهذا مشكوك في نسبه، وهذا وضيع، ونحو ذلك من أمر الجاهلية، وليس من أخلاق الإسلام.


(١) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب المعاصي من أمر الجاهلية، ولا يكفر صاحبها بارتكابها إلا بالشرك برقم (٣٠) ومسلم في كتاب الإيمان والنذور، باب إطعام المملوك مما يأكل برقم (١٦٦١).
(٢) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر برقم (٢٦٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>