قوله:"ولا حول ولا قوة إلا بك" أي: لا تحول لنا من حال إلى حال، ولا قوة على ذلك إلا بالله وحده، فالباء ها هنا للاستعانة.
مناسبة الحديث للباب:
ظاهرة، لاستثناء الفأل من عموم الطيرة، وبقائها على أصل الذم، والنهي عن العمل بها، ومدافعتها بالدعاء المناسب.
فوائد الحديث:
١ - إبطال الطيرة، وبيان ما تُستدفع به من الذكر.
٢ - أن ما يقع في القلب من الطيرة لا يضر صاحبه إلا أن يتبعه.
٣ - أن الفأل نوع من الطيرة، لكنه حسن.
٤ - وجوب التوكل على الله تعالى، وتعلق القلب به، وهذا من أعظم أسباب السعادة: أن يأوي القلب إلى الله ﷿، ولا تتقاذفه أمواج الظنون والأوهام؛ فمن الناس من يتدفق قلبه ليل نهار، فكلما سمع إشاعة، أو حكاية، وقع في هم وغم. أما المؤمن الذي يعلم أنه لا يتحرك متحرك، ولا يسكن ساكن إلا بإذن الله، وأن ﴿كُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ﴾ [الرعد: ٨] فقلبه مطمئن، يعلم أن هذا الكون يسير وفق نظام بديع، ليس خبط عشواء، ولا ضربة لازب، بل وفق حكمة مقدرة من عند الله ﷿، فيأوي إلى ركن شديد.
قوله:"وله من حديث ابن مسعود مرفوعاً" أي لأبي داود، إلى النبي ﷺ لأن مقامه رفيع. قوله:"الطيرة شرك، الطيرة شرك" كررها النبي ﷺ مرتين، وهذا من أساليب التعليم. قوله:"وما منا إلا، ولكن الله يذهبه بالتوكل" رواه أبو داود، والترمذي، وصححه، وجعل آخره من قول ابن مسعود، ﵁" وهذا أقرب، ويُسمى هذا في مصطلح الحديث:(مدرج)، وهو أن يحدث المحدث بحديث ثم يدخل شيئًا من كلامه فيه، على سبيل البيان والتوضيح. وقد يقع الإدراج في السند، وقد يقع في المتن، وقد يقع في أوله، وقد يقع في آخره، وقد يقع في وسطه، وبسط ذلك في علم مصطلح الحديث. فقوله: "وما منا إلا" قطع، على تقدير محذوف، وهو: وما منا إلا تطير. فمراده أن التطير خاطر بشري، يقع لعامة بني آدم، فتتأثر قلوبهم بسماع شيء، أو