قوله:"ذُكرت الطيرة عند رسول الله ﷺ " أي جرى السؤال عنها، أو الكلام فيها.
قوله:"أحسنها الفأل"" هذا دليل على أن الفأل نوع من الطيرة، لكنه من الطيرة الصالحة، وكأن الطيرة قد تستعمل في كل أمر متوقع، فيكون الفأل مشمولًا بالمعنى العام، فأخرجها النبي ﷺ واستثناها من الطيرة المذمومة.
قوله: "ولا ترد مسلماً" أي: لا تحول بينه وبين مراده، ومسعاه.
قوله: "فإذا رأى أحدكم ما يكره، فليقل: اللهم لا يأتي بالحسنات إلا أنت، ولا يدفع السيئات إلا أنت" هذه الجمل وإن لم تثبت إسنادًا، فهي جمل صحيحة المعنى، وقد دل عليها الكتاب والسنة؛ قال الله تعالى: ﴿وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ﴾ [يونس: ١٠٧] وقال النبي ﷺ لأبي موسى: "ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة" فقال: بلى، يا رسول الله، قال: "قل: لا حول ولا قوة إلا بالله" (١)، فلا حرج أن يدعو الإنسان بهذه الكلمات، لا على سبيل الدوام، وإنما يدعو بها أحياناً؛ ليخرج ما قد يقع في نفسه من إلقاء الشيطان، وكقول النبي ﷺ في مناجاته لربه: "لبيك وسعديك، والخير كله في يديك، والشر ليس إليك" (٢)، فلا يأتي بالحسنات إلا الله، لا يكون من الله إلا خير، إما لذاته، وإما لمآله؛ ولهذا قال مؤمنو الجن: ﴿وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا﴾ [الجن: ١٠] فحين ذكروا الشر أتوا بالفعل الذي لم يسم فاعله، فقالوا: ﴿أَشَرٌّ أُرِيدَ﴾، تأدبّا مع الله، ولما ذكروا الرشد، أتوا بالاسم الظاهر قالوا: ﴿أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا﴾. فالشر لا يُنسب إلى الله تعالى، وإنما يكون الشر في المقضي، لا في القضاء، فالقضاء من الله كله خير، لكن المقضي يتنوع إلى خير وشر، أما باعتبار صدوره من الله تعالى فإنه خير قطعاً؛ وذلك باعتبار مآلاته، كما فلا يملك منع وقوع السيئات إلا الله، كما لا يملك رفعها بعد وقوعها إلا هو سبحانه.
(١) أخرجه البخاري في كتاب المغازي، باب غزوة خيبر برقم (٤٢٠٥) ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب استحباب خفض الصوت بالذكر برقم (٢٧٠٤). (٢) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه برقم (٧٧١).