٣ - أن المعاصي هي السبب الكوني والشرعي للمصائب والشؤم؛ لقول الرسل: ﴿طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ﴾ أي: بسبب أعمالكم وقع ما تكرهون، وقولهم: ﴿بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ﴾ أي: أنّ إسرافكم بالمعاصي والذنوب، أوقعكم في هذه المحاذير.
٤ - ذم الجهل؛ لقوله: ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ فالجهل من أعظم الأسباب التي توقع الناس في الشرك والبدع.
٥ - الأذى القولي والمعنوي الذي يلقاه الدعاة إلى الله ﷿ من مخالفيهم، فآل فرعون يتهمون موسى ومن معه بما ليس فيهم، وما ليس من شأنهم، وأهل القرية يتهمون رسلهم بأنهم شؤم عليهم!، فهذا من أساليب المخالفين للتحريض على الدعاة والمصلحين. فلا غرابة أن يتكرر مثله لأهل العلم، والحسبة، فيصمهم مخالفوهم بألقاب السوء، وهذا مسلك قديم.
قوله:"وعن أبي هريرة ﵁ أنّ رسول الله ﷺ قال: "لا عدوى، ولا طيرة، ولا هامة، ولا صفر"، أخرجاه. وزاد مسلم: "ولا نوء، ولا غول". هذه ستة أمور موهومة، نفاها النبي ﷺ، لكن نفيه لها ليس نفي وجود، بل نفي تأثير.
قوله: "لا عدوى" العدوى: اسم من الإعداء، وهو مجاوزة العلة من شيء إلى شيء، أي: انتقال العلة والمرض من بدن إلى بدن؛ من آدمي إلى آدمي، أو من حيوان إلى حيوان، أو من حيوان إلى إنسان. والعدوى التي نفاها النبي ﷺ هي العدوى التي كان يعتقدها أهل الجاهلية، وهي أنها تُؤثر بطبعها. ولهذا لما استشكل من سمع قوله: "لا عدوى"، قال: يا رسول الله، البعير الأجرب يكون في الأبل، فتجرب الإبل كلها، فقال رسول الله ﷺ: "فمن أجرب الأول؟ " (١)، فدل ذلك على أن العدوى التي نفاها النبي ﷺ هو اعتقاد أنّ العدوى مؤثرة بطبعها، دون تقدير الله، وأما ما كان على سبيل السببية، فهذا لا يُنكر؛ ولذا قال النبي ﷺ: "لا يورد ممرض على مصح" (٢)، وهذا إشارة منه ﷺ للحجر الصحي، للحد من العدوى، وتفشي الوباء
(١) أخرجه الترمذي ت شاكر في أبواب القدر، باب ما جاء لا عدوى ولا هامة ولا صفر برقم (٢١٤٣) وصححه الألباني. (٢) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب لا عدوى، ولا طيرة، ولا هامة … برقم (٢٢٢١).