لما كانت اطيرة تعلُّقٌ بسبب لم ينصبه الله سببًا؛ لاحسًا، ولاشرعًا، كانت من الشرك المنافي للتوحيد، فعقد المصنف هذا الباب للتحذير منها بجميع صورها.
فلا يجوز أن يعلق الإنسان أفعاله بأمور موهومة، لا صلة لها مُتعقَّلة بما هو بصدده؛ فإن هذا كله من التطير. وقد جاءت الشريعة لتربي المؤمنين على أن يقيموا تصرفاتهم، وأعمالهم، على البينة، وألا تتلاعب بهم الظنون والأوهام، فتتعطل مصالحهم.
قوله: ﴿أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ المقصود آل فرعون، لأنهم تطيروا بموسى، كما قال الله: ﴿وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ﴾ [الأعراف: ١٣١] فرد الله عليهم بقوله: ﴿أَلَا﴾ أداة تنبيه ﴿إِنَّمَا﴾ أداة حصر ﴿طَائِرُهُمْ﴾ أي: ما قضي عليهم من خير أو شر ﴿عِنْدَ اللَّهِ﴾ أي: من عند الله ﷾، ولا شأن لموسى وبني إسرائيل به. قوله: ﴿قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ﴾ القائلون هم ارسل الذين بعثوا أهل قرية، فقال لهم أهلها: ﴿تَطَيَّرْنَا بِكُمْ﴾ فأجابوهم بأن حظكم، وما ينوبكم من خير أو شر، معكم، أي: مكتوب في كتابكم، ولا شأن لنا به، وسببه ما يصدر منكم من أفعال سيئة، وتتمتها: ﴿أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ﴾ أي: ألِكوننا وعظناكم، ودعوناكم، جعلتم هذا مدعاة للتطير؟! ﴿بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ﴾ أي حقيقة الحال أنكم مسرفون. والسرف: مجاوزة الحد في كل شيء.
والآيتان تدلان على أنّ التطير موجود في الأمم السابقة، في آل فرعون، وفي النصارى؛ لأن أصحاب هذه القرية كانوا بعد عيسى ﵇.
مناسبة الآيتين للباب:
مطابقتان للترجمة، لأن فيهما ذم التطير، وأنه من عمل الكفار،.