ولأحمد: من حديث عبد الله بن عمرو: "من ردته الطيرة عن حاجته فقد أشرك"، قالوا: وما كفارة ذلك؟ قال:"أن يقول: اللهم لا خير إلا خيرك، ولا طير إلا طيرك، ولا إله غيرك"(١).
وله: من حديث الفضل بن عباس ﵁: "إنما الطيرة ما أمضاك أو ردك"(٢).
الشرح:
قال المصنف ﵀:"باب: ما جاء في التطير"" أي: من الوعيد؛ إذ أن التطير مذموم كله، بلا تفصيل. وهو مأخوذ من الطير، وأصل ذلك أن أهل الجاهلية كانوا يتشاءمون بالطيور، فإذا أراد أحدهم سفراً، أو عملاً، زجر الطير، فإن ذهبت يميناً تفاءل، وإن ذهبت شمالاً تشاءم. ثم إنه توسع مدلول التطير حتى صار في الاصطلاح أعم من ذلك، فصار يشمل: التشاؤم بكل مرئي أو مسموع، وزاد شيخنا ابن عثيمين ﵀: "أو معلوم" (٣)، وهذا من المواضع القليلة التي يكون فيها التعريف الاصطلاحي أوسع من التعريف اللغوي؛ إذ العادة أن اللغة أوسع من الاصطلاح. فمنه:
- التطير بالمرئي: كإنسان خرج يريد سفراً، فقابل إنساناً أعورَ أو أعرجَ، فوقع في قلبه أن هذه سفرة مشؤومة، فترك السفر.
- التطير بالمسموع: كمن خرج يريد سفراً، فسمع نعيق بوم، أو صياح غراب، أو قائلاً يقول لآخر: يا خائب، أو يا خاسر، فعدل عن السفر.
- التطير بالمعلوم: كمن خرج يريد سفرًا، فبلغه خبرٌ سيئ، فتشاءم به، فرجع عن قصده.
(١) أخرجه أحمد ط الرسالة برقم (٧٠٤٥) وقال محققو المسند: "حديث حسن". (٢) أخرجه أحمد ط الرسالة برقم (١٨٢٣) وقال محققو المسند: "إسناده ضعيف". (٣) القول المفيد على كتاب التوحيد (١/ ٥١٥).