للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأربعمائة، وتوفي سنة ست عشرة وخمسمائة، . له مصنفات واسعة نافعة، في التفسير والفقه والسنة.

قوله: "العراف الذي يدعي معرفة الأمور بمقدمات يستدل بها على المسروق، ومكان الضالة، ونحو ذلك" هذه المقدمات لا علاقة لها بمحل المسروق والضالة. أما إذا كانت هذه المقدمات ذات علاقة، فهذا لا يُعد عرافة، بل يسمى "فراسة" و "قيافة"، ومثله ما يُسمى الآن بأدلة "البحث الجنائي"، فيستدل بها على مكان المسروق، أو المختطف، أو الضال، بناءً على تتبع الأثر، أو البصمات، فما كان بمقدمات حسية، حقيقية، متعقلة، فليس من العرافة التي نهى عنها النبي ، وأكفر فاعلها.

قوله: "والكاهن هو الذي يخبر عن المغيبات في المستقبل" وقيل: الذي يخبر عما في الضمير، وذلك أن قرينه من الجن يتصل بقرين الإنسان، فربما أخبر عما خبأ في ضميره. فالكاهن يخبر بأمور مغيبة، أما حاضرة، وإما مستقبلة، وإما في النفس، وما أخبر به من الأمور المستقبلة، فوقع، فهو مما ناله من مسترقي السمع، كما تقدم.

قوله: "وقال أبو العباس ابن تيمية شيخ الإسلام: العرَّاف اسم للكاهن، والمنجِّم، والرمَّال، ونحوهم، ممن يتكلم في معرفة الأمور بهذه الطرق" (١)، قال في الفتاوى: ("الْعَرَّافُ" قَدْ قِيلَ إنَّهُ اسْمٌ عَامٌّ لِلْكَاهِنِ، وَالْمُنَجِّمِ، وَالرِّمَالِ، وَنَحْوِهِمْ مِمَّنْ يَتَكَلَّمُ فِي تَقَدُّمِ الْمَعْرِفَةِ، بِهَذِهِ الطُّرُقِ. وَلَوْ قِيلَ: إنَّهُ فِي اللُّغَةِ اسْمٌ لِبَعْضِ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ، فَسَائِرُهَا يَدْخُلُ فِيهِ بِطَرِيقِ الْعُمُومِ الْمَعْنَوِيِّ) (٢). فوسع شيخ الإسلام مدلول كلمة (العراف) بحيث شملت كل من ادعى المعرفة بواسطة هذه الطرق المزعومة، سواء كان عن طريق التنجيم؛ بحركات النجوم، والأفلاك، والأجرام العلوية، فيستدل بها على الحوادث الأرضية، أو الرمَّال الذي يضرب في الرمل، فيقول: يقع كذا، ويقع كذا، أو غيرهم من الأفاكين؛ كقارئ الكف، والفنجان، فإن هؤلاء جميعاً داخلون في لفظ العراف.


(١) بنحوه في النبوات (٣٠/ ٨).
(٢) مجموع الفتاوى (٣٥/ ١٧٣)

<<  <  ج: ص:  >  >>