السحرة لطلب الشفاء، ويظنون أنه لا يكشف الضر إلا ساحر، فيستغنون بالسحر عن كتاب الله، وسنة نبيه ﷺ، وما تضمناه من الرقى الشرعية، والعوذ الإيمانية.
قوله:"عن أبي هريرة ﵁ أن رسول الله ﷺ قال: "اجتنبوا" " فعل أمر، بمعنى: اتركوا، كأنما قال: كونوا في جانب وهي في جانب، فالمجانبة تقتضي التخلي والبعد.
قوله:"السبع الموبقات" أي: المهلكات، وإنما سُميت كذلك لأنها تهلك فاعلها في الآخرة. قوله:"قالوا: وما هن يا رسول الله؟ " هذا ليس من السؤال المذموم الذي عليه قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ﴾ [المائدة: ١٠١]، لأن سياق كلام النبي ﷺ يشعر بالإغراء بالسؤال، وطلب العلم، بخلاف ابتدار المسألة في أمر مسكوت عنه.
قوله:"الشرك بالله"" هذا أعظم الموبقات بلا ريب، ولذلك قدمه بالذكر، فإن الشرك بالله أعظم الذنوب على الإطلاق، كما سُئل في الحديث الآخر: أي الذنب أعظم؟ قال: "أن تجعل لله نداً، وهو خلقك" (١)، فالشرك أظلم الظلم، وأقبح القبيح، وأمحل المحال، فما عصي الله بذنب أعظم من الشرك، ولا أطيع بحسنة أعظم من التوحيد.
قوله: "والسحر" هذا هو موضع الشاهد من الحديث، وقد تقدم تعريف السحر.
قوله: "وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق" قتل النفس من أعظم الموبقات، وقد توعد الله تعالى قاتل النفس بعظيم العقوبة، فقال: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا﴾ [النساء: ٩٣]، وقال ﷺ: "لن يزال المؤمن في فسحة من دينه
(١) أخرجه البخاري في كتاب تفسير القرآن، باب قوله تعالى: ﴿فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: ٢٢] برقم (٤٤٧٧) ومسلم في الإيمان، باب كون الشرك أقبح الذنوب وبيان أعظمها بعده برقم (٨٦).