للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ما لم يصب دماً حراماً" (١)، ولما رأى رسول الله الكعبة يوماً، قال: "ما أعظمك، وأعظم حرمتك، والذي نفس محمد بيده، لحرمة المؤمن أعظم عند الله حرمة منك؛ ماله ودمه" (٢)، وقوله: "إلا بالحق" استثناء واحتراز لمن قتل بالحق، وقد بينه بقوله: "لا يحل دم امرئ مسلم، يشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة" (٣).

قوله: "وأكل الربا" وهو من أعظم الفساد المالي، وقد توعد الله أكلة الربا بأبشع العقوبات، كما قال تعالى: ﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ [البقرة: ٢٧٥].

قوله: "وأكل مال اليتيم" قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا﴾ [النساء: ١٠]، وفي الحديث: (إِنِّي أُحَرِّجُ عَلَيْكُمْ حَقَّ الضَّعِيفَيْنِ الْيَتِيمِ وَالْمَرْأَةِ) (٤)

قوله: "والتولي يوم الزحف" قال تعالى: ﴿وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ﴾ [الأنفال: ١٦] فإذا التقى الصفان لم يجز التولي، إلا من باب الكر والفر، إلى موضع آخر، متحرفاً لقتال، أو متحيزاً إلى فئة.

قوله: "وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات" أي: قذفهن بالزنا، وعبّر بالقذف لأن التهمة بالزنا كالقذيفة، في شدتها وأليم وقعها على المحصنة،


(١) أخرجه البخاري في كتاب الديات برقم (٦٨٦٢).
(٢) أخرجه ابن ماجه في كتاب الفتن، باب حرمة دم المؤمن وماله برقم (٣٩٣٢) وضعفه الألباني.
(٣) أخرجه البخاري في كتاب الديات، باب قول الله تعالى: ﴿أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالعَيْنَ بِالعَيْنِ وَالأَنْفَ بِالأَنْفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالجُرُوحَ قِصَاصٌ﴾ [المائدة: ٤٥] برقم (٦٨٧٨) ومسلم في كتاب القسامة والمحاربين والقصاص والديات، باب ما يباح به دم المسلم برقم (١٦٧٦).
(٤) (أخرجه الحاكم في المستدرك على الصحيحين برقم (٢١١) وقال الذهبي: على شرط مسلم: (١/ ١٣١)، والبيهقي في السنن الكبرى، برقم (٢٠٢٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>