"وعن ابن عباس ﵄ قال: لعن رسول الله ﷺ " اللعن: كما تقدم: الطرد والإبعاد عن رحمة الله. وتقدم أنه لا يجوز اللعن بالشخص -لعن المعين-، لكن يجوز اللعن بالوصف، لمن علمناه مستحقاً للعن.
قوله:"زائرات القبور" وفي لفظ: "زوارات"(١). هذا لعن بالوصف، فمن رأى امرأة تزور قبراً، فليس له أن يقول: أنتِ ملعونة، لكن يقول: لعن الله زائرات القبور، على سبيل البيان والموعظة.
قوله:"والمتخذين عليها المساجد" أي: أنهم يتخذونها موضعاً للعبادة والصلاة، سواء بنوا بنياناً أو لم يبنوا، فإن صلوا عندها فقد اتخذوها مسجداً.
قوله:"والسرج" أي: الذين يتخذون عندها السرج، ويضيئون القبور بالشموع، وما أشبه ذلك؛ لأن هذا فيه تعظيم. فقد لعن النبي ﷺ في هذا الحديث ثلاثة أصناف:
١ - زائرات القبور من النساء.
٢ - المتخذين عليها المساجد.
٣ - المتخذين عليها السرج.
والصنفان الأخيران يشملان الرجال والنساء، والتذكير من باب التغليب، وسبب لعنهما تعظيمهم لهذه القبور، والغلو في أصحابها، و أما لعن الصنف الأول، وهن الزائرات، فلما يترتب على زيارة النساء للقبور من الجزع، والتسخط، فإنه لا يخفى أن النساء تغلبهن العاطفة، فإذا أتين المقابر، وتذكرن ذويهن، فإنهن، غالبًا، يجزعن، ويتسخطن على القدر؛ قولًا بالصياح والعويل، وفعلًا بشق الجيوب، ولطم الخدود. فكان من حكمة الشارع أن منعهن، وتوعد من فعل ذلك منهن.
(١) أخرجه ابن ماجه في كتاب الجنائز، باب ما جاء في النهي عن زيارة النساء القبور برقم (١٥٧٤) والترمذي ت شاكر في أبواب الجنائز، باب ما جاء في كراهية زيارة القبور للنساء برقم (١٠٥٦) وحسنه الألباني.