عباس ﵄، ولد سنة إحدى وعشرين. إمام في التفسير. توفي ساجدًا، نحو سنة أربع ومائة.
قوله:" ﴿أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى﴾ كان يلت لهم السويق" أي قال مجاهد في تفسيرها: كان أي: اللات، يلت لهم أي للحُجاج، وعلى هذا ف (اللات) هنا بالتشديد، لكونه كان يلت السويق، أي: يخلط الدقيق بالسمن، فيطعمهم. وفي رواية:"فيطعم من يمر من الناس".
قوله:"فمات، فعكفوا على قبره" أي: أقاموا وحبسوا أنفسهم على قبره، فهذا معنى العكوف، كما قال إبراهيم ﵇: ﴿إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ﴾ [الأنبياء: ٥٢] أي: مقيمون، ماكثون عندها. فهذا الرجل الصالح كان يفعل ذلك تقرباً إلى الله، وإكراماً لحجاج بيته، فلما مات عكفوا على قبره، تعظيمًا له.
قوله:"وكذا قال أبو الجوزاء" هو أوس بن عبد الله الرَّبَعي، ثقة، مات سنة ثلاث وثمانين. قال البخاري عنه بسنده عن ابن عباس: نقل عن ابن عباس أنه قال: "كان اللات رجلًا يلُتُّ سويق الحاج"(١). والأغلب أن مجاهداً أيضاً أخذه عن ابن عباس؛ إذ كان ملازماً له.
فهذا ليس حديثاً مرفوعاً، وإنما هو أثر، وفي علم المصطلح: ما نُسب إلى النبي ﷺ؛ سواء بسند متصل، أو منقطع، فهو المرفوع، وما كان منتهاه إلى الصحابي، فهو الموقوف، وما كان منتهاه إلى التابعي، فهو المقطوع، والمقطوع غير المنقطع.
مناسبة الأثر للباب:
مناسبة ظاهرة، إذ فيه بيان سبب عبادة اللات، هو الغلو فيه لصلاحه، بالعكوف على قبره.
فوائد الأثر:
١ - تحريم الغلو في الصالحين؛ لأنه وسيلة إلى الشرك.
(١) أخرجه البخاري في كتاب التفسير، باب: (أفرأيتم اللات والعزى)، برقم (٤٨٥٩)