كاد أن يهلك عطشاً، لولا أنّ الله تعالى ساق إليه رجلاً، فحمله إلى بلدة الزبير.
وقد كتب الله القبول لهذا الكتاب، فانتشر في الآفاق، وفرح به الموحدون في أرجاء الأرض، وأصلح الله به عقائد فئام من الناس، في مختلف البلدان، وأخرجهم الله به من ظلمات الشرك والبدعة، إلى نور التوحيد والسنة. واشتغل به العلماء، ولا زالوا، شرحًا وتدريسًا، حتى أحصى بعض الباحثين سبعين شرحًا مطبوعًا. فلله الحمد والمنة.
وقد تميز "كتاب التوحيد" بجملة من المزايا:
أولًا: أنه أول كتاب جامع أُفرد في بابه. وما كان قبله في مسائل التوحيد، فإما أنه ضمن غيره من مسائل الاعتقاد، وإما أنه غير جامع. (١)
ثانيًا: الاستيعاب، والشمول لكثير من مسائل الاعتقاد العلمية، والعملية، واللفظية.
ثالثًا: سلوك طريقة المتقدمين من المصنفين؛ بوضع تراجم للأبواب، وإدراج الآيات
القرآنية، والأحاديث النبوية، والآثار السلفية تحتها، وعدم خلطها بكلام المصنف، وغيره، إلا فيما دعت إليه الحاجة من الإيضاح.
رابعًا: استنباط المسائل من النصوص في كل باب، للتنبيه على دلالاتها العقدية. وهذه المسائل التي ذيَّل بها الأبواب، والتراجم التي صدَّرها بها، هي التي تكشف فقه المصنف العقدي، فلا يسوغ حذفها بحال.
والناظر في تراجم الكتاب البالغة ستًا وستين، يجد أنها على ضربين:
١ - تراجم تقريرية: تدل على حكم ثبوتي، كقوله: (باب من حقق التوحيد دخل الجنة بغير حساب)، أو منفي، كقوله: (باب لا يقال: السلام على الله).
٢ - تراجم موضوعية: تدل على موضوع معين، وقد جاءت على أنحاء متنوعة:
- (باب كذا) مثل: (باب الشفاعة).
(١) (ومن أقربها له كتاب (تجريد التوحيد المفيد) للمقريزي، ﵀، لكنه لا يبلغ مبلغه في التنوع وحسن التبويب.