إذ لولا صحبة هذين الرجلين لربما قال أبو طالب: لا إله إلا الله، عندما عرضها عليه النبي ﷺ، لكنهما استثارا نعرة الجاهلية، فامتنع، وهذا يدل على مضرة رفقاء السوء في جميع سلوك الإنسان، لا سيما في باب الإيمان.
التاسعة: مضرة تعظيم الأسلاف والأكابر.
وهذه محنة الأمم السابقة التي صدتهم عن اتباع الأنبياء، كما قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ (٢٣) قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ﴾ [الزخرف: ٢٣، ٢٤]. فعلى الإنسان أن يتخلص من هذا القيد، فلا تحمله عاطفة، أو عصبية، أو نخوة جاهلية، على رد الحق، بل عليه أن ينأى بنفسه عن كل هذا، ولا يقع أسيراً مرتهناً لهذه العادات الموروثة عن الآباء والأجداد، إذا كانت تخالف الشرع.
العاشرة: استدلال الجاهلية بذلك.
وهي قولهما:"أترغب عن ملة عبد المطلب؟! "، وكذلك يقول مشركو الزمان.
الحادية عشرة: الشاهد لكون الأعمال بالخواتيم؛ لأنه لو قالها لنفعته.
ففي صحيح البخاري:"إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالخَوَاتِيمِ"(١) ولهذا ينبغي للإنسان دوماً أن يسأل الله حسن الخاتمة، ففي حديث أبي مسعود المشهور:"فإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار، حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخل الجنة، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة، حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل النار، فيدخل النار"(٢). فهذا يوجب للإنسان أن يكون بين الخوف
(١) (أخرجه البخاري في باب العمل بالخواتيم، برقم (٦٦٠٧) (٢) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب خلق آدم -صلوات الله عليه- وذريته برقم (٣٣٣٢) ومسلم في كتاب القدر، باب كيفية خلق الآدمي في بطن أمه وكتابة رزقه وأجله وعمله وشقاوته وسعادته برقم (٢٦٤٣).