ويقال: إن أحد العرب سأل أحد الصحابة: إلام تدعون؟ قال: إلى "لا إله إلا الله"، فقال: والله لتقاتلنكم الروم والعجم، فانظر كيف استنبط هذا المعنى؟ أدرك أن هذه الكلمة العظيمة الثقيلة، لها تبعات، وليست كلمة تقال باللسان؛ لأن أصحاب الأهواء والشرك، سوف يذبون عن هذه المصالح التي يحصلون عليها، فيحملون السلاح في وجه أهل الإسلام.
الخامسة: جدّه ﷺ ومبالغته في إسلام عمه.
وذلك لأن لعمه حق خاص لقرابته؛ ولأنه كان يذود عنه، ويحميه؛ ولهذا لما سأله العباس:
هل نفعت عمك بشيء؟ قال:"نعم، وجدته في غمرات من النار، فأخرجته إلى ضحضاح"(١)، فخفف عنه بسبب شفاعة النبي ﷺ، وهذه من أخص أنواع الشفاعة.
السادسة: الرد على من زعم إسلام عبد المطلب وأسلافه.
من ذوي الدوافع العاطفية، التي لا تقوم على حجة وبرهان، بل تعتمد على استدرار عواطف العوام. فملة عبد المطلب هي الشرك، بدليل قولهما:"أترغب عن ملة عبد المطلب؟ " حين أمره النبي ﷺ أن يقول: لا إله إلا الله، فهي نقيض التوحيد.
السابعة: كونه ﷺ استغفر له، فلم يغفر له، بل نهي عن ذلك.
لأنه قال:"أما والله لأستغفرن لك ما لم أنه عنك"(٢)، فنهي بقوله تعالى: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى﴾ مع أن الرسول ﷺ أقرب الناس أن يجيب الله دعاءه، ومع ذلك اقتضت حكمة الله ﷿ أن لا يجيب دعاءه لعمه أبي طالب؛ لأن الأمر بيد الله، لا بيد الرسول، ولا غيره.
(١) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب شفاعة النبي ﷺ لأبي طالب والتخفيف عنه بسببه برقم (٢٠٩). (٢) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب إذا قال المشرك عند الموت: لا إله إلا الله برقم (١٣٦٠) ومسلم في كتاب الإيمان، باب أول الإيمان قول: لا إله إلا الله برقم (٢٤).