للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما المؤمن الذي يؤوي إلى ركن شديد، فيعلم أنه: ﴿لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ﴾ [النمل: ٦٥]، فلا يخالطه شك في ذلك؛ ولهذا ينبغي التحذير مما تشيعه بعض وسائل الإعلام من الترويج لبعض المنجمين، فإن وقع شيء من ذلك، فإنما هو بالاستعانة بالشياطين من مسترقي السمع، ويخلطه بأضعافه من الكذب، أو يكون مما وقع اتفاقاً، فلا يعول عليهم، ولا يلتفت إليهم في الإخبار بالمغيبات، واستشراف المستقبل.

السادسة عشرة: كونه يكذب معها مائة كذبة.

أي: يخلط الكاهن أو الساحر مع الكلمة التي ألقاها إليه وليّه من الشياطين مائة كذبة،، فلا يصدق إلا الكلمة التي سُمعت من السماء.

السابعة عشرة: أنه لم يُصدَّق كذبه إلا بتلك الكلمة التي سُمعت من السماء.

هذا يدل على خطورة لبس الحق بالباطل، فعلى المؤمن أن يميز؛ فيقر الحق، ويرد الباطل، ولا يغتر بدمج الحق بالباطل لتسليك الباطل، بل عليه أن يتبين ما يلقى عليه، ويستنير بنور الله ﷿. فكم من المتحدثين المتحذلقين الذين يملؤون الأعمدة الصحفية، أو يصنفون الكتب، أو يعتلون المنابر الإعلامية، يقولون باطلاً ممزوجًا بشيء من الحق؛ لترويج باطلهم، كما يقال: يدس السم في العسل. فعلى المؤمن أن يكون يقظاً متنبهاً، فلا يرد الحق لاختلاطه بالباطل، ولا يقبل الباطل لاقترانه بالحق، بل يميز ويفصل.

الثامنة عشرة: قبول النفوس للباطل، كيف يتعلقون بواحدة ولا يعتبرون بمائة؟!

يشير المصنف إلى طبيعة النفوس المنحرفة، كيف يستهويها الباطل، مع أن نسبة الحق منه واحد بالمائة، بسبب الأهواء والشبهات، فتتشبث بهذا القليل من الحق لتسويغ الكثير من الباطل، وشواهده كثيرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>