وما تضمنته من نفي "الأمر" عن النبي ﷺ، فمن دونه من المدعوين من باب أولى.
الثالثة: قنوت سيد المرسلين، وخلفه سادات الأولياء، يؤمنون في الصلاة.
أي: أن النبي ﷺ كان يقنت في صلاة الصبح، حينما يرفع من الركوع، في الركعة الثانية، ويدعو على بعض الأعيان، ويؤمن خلفه سادات الأولياء، وهم الصحابة -رضوان الله عليهم-. وقنوت النوازل مشروع، ومشروعيته باقية؛ وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن هذا القنوت مشروع في كل صلاة فجر. ولكن الصحيح: أن هذا قنوت مرتبط بنازلة، فلا يداوم عليه، وقد قنت النبي ﷺ في مواطن عدة، ومنها: أنه قنت شهراً يدعو على رعل، وذكوان، وعصية (١) بأسمائهم.
الرابعة: أن المدعو عليهم كفار.
المدعو عليهم كانوا كفاراً، وهم الثلاثة الذين جرى ذكر أسمائهم، وكأن المصنف ﵀ يشير إلى أنه لا يقنت على مسلم، ويمكن أن يكون ذلك مختصاً بوصف اللعن؛ لأنه لعنهم.
الخامسة: أنهم فعلوا أشياء ما فعلها غالب الكفار، منها: شجهم نبيهم، وحرصهم على قتله، ومنها: التمثيل بالقتلى، مع أنهم بنو عمهم.
وهذا يدل على الفجور في الخصومة، وشدة العداوة، كما قال تعالى عن المشركين: ﴿لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ﴾ [التوبة: ١٠]، وهذا ما حمل النبي ﷺ على القنوت عليهم.
(١) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب العون بالمدد برقم (٣٠٦٤).