وقد كان من السلف الصالح من إذا بلغه الحديث عن النبي ﷺ بادر بالتأسي والامتثال، حتى إن الإمام أحمد لما بلغه أن النبي ﷺ احتجم، وأعطى أبا طيبة الحجام ديناراً، ذهب واحتجم، وأعطى الحجام ديناراً (١).
وكان محمد بن أسلم الطوسي، الإمام المتفق على إمامته، وعلو رتبته، أتبع الناس للسنة في زمانه، حتى قال:"ما بلغني سنة عن رسول الله -صلى الله تعالى عليه وسلم- إلا عملتُ بها، ولقد حرصتُ على أن أطوف بالبيت راكباً، فما مُكنت من ذلك"(٢)، ولهم في ذلك عجائب في حرصهم على إتباع السنة.
٤ - أن الوسيلة المنجية بين العبد وربه هي الإيمان، والعمل الصالح؛ لقوله:"اشتروا أنفسكم، لا أغني عنكم من الله شيئاً" وأن الوسائل الشركية لا تجدي عنه شيئاً، بل لا تزيده من ربه إلا بعداً.
٥ - أن البداءة بالأقربين مقدمة؛ فينبغي للإنسان أن يجتهد في نفع ذويه، وأقرب الناس إليه، خلافاً لما يقع من بعض الدعاة، وطلبة العلم، فربما نشروا علمهم، ودعوتهم في الخافقين، وأقرب الناس إليهم لم ينتفع بهم، وهذا خطأ في الترتيب، فيجب أن يبدأ الإنسان بمن حوله، الأقرب فالأقرب، ثم ينتقل إلى من بعدهم.
قال المصنف ﵀:
فيه مسائل:
الأولى: تفسير الآيتين.
أي: قوله تعالى: ﴿وَلَا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا﴾ [الأعراف: ١٩٢] وقوله: ﴿وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ﴾ [فاطر: ١٣] فكل من سوى الله لا يستقل بملك ولا تدبير.
(١) الآداب الشرعية والمنح المرعية (٢/ ١٢). (٢) إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان (١/ ٧٠).