للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هؤلاء الأقربين؛ عمه وعمته وابنته وهم أقرب الناس إليه، وقصد التنبيه، وإلا فعشيرته الأقربون أكثر من هؤلاء، لكنه أراد الامتثال الدقيق لأمر ربه، فنادى فعم وخص. وقوله في شأن فاطمة خاصة: "سليني من مالي ما شئت" يدل على وجوب النفقة على الأبناء والبنات، ولم يقل هذا بالنسبة للعم والعمة.

مناسبة الحديث للباب:

جلية واضحة وهي أن محمداً بن عبد الله سيد ولد آدم، وحامل لواء الحمد يوم القيامة، يعلنها صريحة مدوِّية: أنه لا يغني عن أحد شيئاً، فكيف بمن دونه ممن يُدعى من دون الله؟! ففيه أعظم الرد على من يتوجهون إلى الأولياء والصالحين، ويقصدون قبورهم، ويسألونهم أموراً لا تسأل إلا من الله ﷿.

فوائد الحديث:

١ - الرد على عباد القبور، والأنبياء، والصالحين.

٢ - أنه لا يجوز أن يُسأل العبد ما لا يقدر عليه إلا الله، فإن فعل فقد أشرك.

٣ - سرعة استجابة النبي لأمر ربه، ودقته في امتثاله. وهذه فائدة تربوية، فينبغي لمن علم علماً أن يبادر إلى فعله، وألا يقول: واجب أو سنة! محرم أو مكروه! كما يقع من كثير من الناس اليوم. فما كان الصحابة -رضوان الله عليهم- يفعلون هذا، مع أوامر النبي ومناهيه، إنما كانوا إذا أُمروا بأمر وأطاقوه، فعلوه، وإذا نُهوا عن شيء اجتنبوه، كما قال نبينا : "فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم" (١). فليعود المسلم نفسه على الامتثال، ولا يكن كهيئة المماكس في السوق، الذي يلح على البائع أن يخفض له في الثمن. فإن استطاع المسلم أن يفعل ما أمره الله به فليفعله، مستشعراً عبوديته لله تعالى، وإلا فليأتِ منه ما استطاع، فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها، وإذا نهاه الله عن شيء فليكف عنه، فإنه ما نهاه عنه إلا وهو يقدر على تركه. فنبينا بادر بالامتثال.


(١) أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن رسول الله برقم (٧٢٨٨) ومسلم في كتاب الحج، باب فرض الحج مرة في العمر برقم (١٣٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>