على الصفا، والصفا هو سفح جبل أبي قبيس، كما أن المروة سفح جبل قعيقعان، والسعي يقع بينهما، وقد قال النبي ﷺ:"أبدأ بما بدأ الله به"(١): ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ [البقرة: ١٥٨] وهو قريب من مجالس قريش، إذ كانوا يتحلقون حول البيت، فامتثل النبي ﷺ أمر ربه، فقام. قوله:"يا معشر قريش" المعشر: هم الجماعة، مأخوذ من العشرة، وقريش: هي القبيلة العربية الشريفة التي ينتمي إليها النبي ﷺ.
قوله:"أو كلمةً نحوها" يعني: شك من الراوي، هل قال: يا معشر قريش، أو كلمة قريبة منها، وهذا يفيد فائدة حديثية: وهو جواز الرواية بالمعنى، بشروط، أهمها: ألا يخل بالمعنى، وألا يكون ذلك من ألفاظ الأذكار المتعبد بها. و (كلمةً) بالنصب على تقدير فعل محذوف، أي: أو قال. قوله:"اشتروا أنفسكم، لا أغني عنكم من الله شيئاً" الشراء، هو أحد طرفي المعاوضة؛ لأن المعاوضة تقوم على بيع وشراء، فكأنه نبّه على هذا المعنى العظيم، يعني: اعتقوا أنفسكم بشرائها، وشراؤها يكون بالإيمان بالله وحده، والدخول في عقد الإسلام.
قوله:"فعم، ثم خصّ" أي: بعد أن عمم الخطاب لقريش، خص الأقربين؛ لأن الله تعالى قال له: ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾ [الشعراء: ٢١٤].
قوله:"يا عباسُ بن عبد المطلب"(يا عباسُ) بالرفع على الأصل؛ لأنه منادى مفرد علم، ويجوز فيه النصب إتباعاً لفتحة (ابن). والعباس عم النبي ﷺ، أظهر إسلامه عام الفتح.
قوله:"لا أغني عنك من الله شيئاً" أخبره النبي ﷺ أنه لا يغني عنه من الله شيئاً، رغم قرابته، إذا لم يؤمن به، ويقبل ما جاء به من التوحيد، وترك الشرك به.
قوله:"يا صفية عمة رسول الله ﷺ، لا أغني عنك من الله شيئاً، ويا فاطمة بنت محمد، سليني من مالي ما شئت، لا أغني عنك من الله شيئاً" نادى النبي ﷺ
(١) أخرجه مسلم في كتاب الحج، باب حجة النبي ﷺ برقم (١٢١٨).