للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَيْءٌ﴾، فكيف ينتظر ممن دونه أن يدفع عن غيره، أو أن يكون له من الأمر شيء؟ فهذا دليل عقلي نقلي على بطلان دعاء المشركين والقبوريين لمعبوديهم، وأنه ليس لهم من الأمر شيء، من باب أولى.

فوائد الحديث والآية:

١ - بطلان دعاء الأولياء والصالحين؛ فإذا كان النبي لا يملك من الأمر شيئاً، فكيف بمن دونه؟

٢ - وقوع البلاء على الأنبياء والصالحين. وفي حديث سعد بن أبي وقاص، قال: قلت: يا رسول الله أي الناس أشد بلاء؟ قال: "الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى العبد على حسب دينه، فإن كان في دينه صلباً أشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتلي على حسب دينه، فما يبرح البلاء بالعبد، حتى يتركه يمشي على الأرض، وما عليه من خطيئة" (١). فلا يبتئس المسلم إذا وقع عليه بلاء، فليس هذا علامة هوان على الله ﷿ بل كونه دليل كرامة أقرب. ولكن العبد يسأل الله العافية، كما في الحديث: "سلوا الله العافية، فإنه لم يعط عبد شيئاً أفضل من العافية" (٢).

٣ - وجوب التوكل على الله ﷿، وتفويض الأمر إليه.

٤ - وجوب الصبر على أقدار الله المؤلمة، فإذا وقع على الإنسان ما يكرهه، فلا يسخط.

٥ - الصبر على الدعوة إلى الله، وما يلقى في سبيلها.

٦ - عدم اليأس من روح الله؛ فيوم أحد جرى فيه ما جرى من الانتكاسة الظاهرة على المسلمين، لكن حصل بعد ذلك من الآثار الحميدة ما أحال المحنة منحة، والنقمة نعمة. وهكذا ينبغي للمؤمن أن يحسن الظن بربه، فقد جاء في الحديث: "إن الله لا يقضي للمؤمن قضاء إلا كان خيراً له" (٣)، لكن هذا يحتاج


(١) أخرجه ابن ماجه في كتاب الفتن، باب الصبر على البلاء برقم (٤٠٢٣) والترمذي ت شاكر في أبواب الزهد، باب ما جاء في الصبر على البلاء برقم (٢٣٩٨) وقال الألباني: "حسن صحيح".
(٢) أخرجه أحمد ط الرسالة برقم (٤٦) وقال محققو المسند: "صحيح لغيره".
(٣) أخرجه أحمد ط الرسالة برقم (١٢٩٠٦) وقال محققو المسند: "حديث صحيح".

<<  <  ج: ص:  >  >>