فاستعاذ النبي ﷺ بعزة الله؛ لأنها صفته، وبقدرته؛ لأنها صفته أيضاً، فيستعيذ العبد بالله، أو بسم من أسمائه، أو بصفة من صفاته.
فوائد الحديث:
١ - مشروعية الاستعاذة بهذا الدعاء.
٢ - مشروعية الاستعاذة بصفات الله، بخلاف الدعاء، فإنه لا يدعى إلا بأسمائه، كما قال: ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾ [الأعراف: ١٨٠]، فلا يجوز أن يقول: يا رحمة الله! يا قدرة الله، لما في ذلك من إيهام عدم قيام الصفة بالموصوف، واستقلال الصفات عن الذات. أما الاستعاذة فليس فيها هذا المحذور، ولهذا تكررت في الأحاديث كقول النبي ﷺ لعثمان بن العاص لما شكى له أنه أصابه وجع منذ أن أسلم،: "ضع يدك على الذي تألم من جسدك، وقل: باسم الله ثلاثاً، وقل: سبع مرات: أعوذ بالله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر"(١)، قال: ففعلت، فأذهب الله عني ذلك. وكدعائه ﷺ في سجوده:(اللهُمَّ أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ)(٢)
٣ - أن كلام الله منزل غير مخلوق، وهذا من أدلة أهل السنة والجماعة على أن القرآن غير مخلوق؛ لأنه لو كان كلام الله مخلوقاً -كما تزعم المعتزلة- لم يجز الاستعاذة بمخلوق.
٤ - إحاطة علم الله ﷿، وتدبيره لجميع الكائنات، فنواصي العباد والمخلوقات بيده سبحانه وبحمده.
(١) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب استحباب وضع يده على موضع الألم مع الدعاء برقم (٢٢٠٢). (٢) أخرجه مسلم في باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (٤٨٦)