للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعض جهات المدينة يُسمى "مسجد الضرار"، وهو عبارة عن حجرة ليس له سقيفة، وأخبرني أن بعض المبتدعة، والجهال من زوار المدينة يقصدونه ويصلون فيه، ويسمونه مسجد الضرار! فيا للعجب!

واختلف المفسرون في المسجد الذي أسس على التقوى، من أول يوم:

- فمنهم من قال: إنه مسجد قباء؛ لأن النبي حين قدم المدينة، نزل في بني عمرو بن عوف، وكانوا في قباء، بنى مسجد قباء، وظل النبي يتعاهد هذا المسجد فيما بعد، حتى أنه ربما ذهب إليه ماشياً، أو راكباً، ليصلي فيه، ورغب في الصلاة فيه، فقال: "من تطهر في بيته، ثم أتى مسجد قباء، فصلى فيه صلاة، كان له كأجر عمرة" (١)، فلا شك أنه مسجد شريف؛ ولهذا ذهب بعض الصحابة والتابعين إلى أنه المسجد المقصود في الآية، وممن ذهب إلى ذلك: ابن عباس، وعروة بن الزبير، والشعبي، والحسن (٢).

- وقال آخرون: إن المسجد الذي أسس على التقوى هو مسجده ، وهذا قول عمر ، وابنه (٣). وقد جاء في صحيح مسلم ما يؤيد هذا صريحًا، وهو ما جاء عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: مر بي عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري، قال: قلت له: كيف سمعت أباك يذكر في المسجد الذي أسس على التقوى؟ قال: قال أبي: دخلت على رسول الله في بيت بعض نسائه، فقلت: يا رسول الله، أي المسجدين الذي أسس على التقوى؟ قال: فأخذ كفاً من حصباء، فضرب به الأرض، ثم قال: "هو مسجدكم هذا" لمسجد المدينة، قال: فقلت: أشهد أني سمعتُ أباك هكذا يذكره (٤).

وقوله: ﴿مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ﴾ المراد بذلك اليوم -على القول الذي رجحناه- اليوم الذي وصل فيه النبي إلى موضع مسجده، وكان مربداً لغلامين من بني


(١) أخرجه ابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة، والسنة فيها، باب ما جاء في الصلاة في مسجد قباء برقم (١٤١٢) وصححه الألباني.
(٢) تفسير ابن كثير ت سلامة (٤/ ٢١٤).
(٣) تفسير ابن كثير ت سلامة (٤/ ٢١٦).
(٤) أخرجه مسلم في كتاب الحج، باب بيان أن المسجد الذي أسس على التقوى هو مسجد النبي بالمدينة برقم (١٣٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>