ومن أمثلة ذلك أنه بعد أن ينتهي من ذكر (منازل قشير) وهي في جنوب نجد، - ص ٢٤٣ - نراه ينتقل بدون مناسبة إلى تحديد مواضع في غرب القصيم، في شمال نجد من بلاد بني أسد، التي سبق أن تحدث عنها - ص ٣٦ إلى ٨٠ - فيقول - ص ٢٤٣:(وفي بطن الرمة من المياه) ويقول في موضع آخر: (إذا جزت رامة سرت إلى بطن عاقل) ثم ينتقل إلى تحديد (حمى ضرية)، ثم يقفز فجأة إلى الحديث عن (حرة النار وما بقربها) ويسير على طريقة مضطربة، مما يحمل على القول بأن ترتيب الكتاب دخله اضطراب، او ان معلوماته نقلت من كتاب آخر - أو كتب أخرى - بحيث أنها لا تجمعها إلا وحدة ذكر منازل القبائل، أو تحديد المواضع.
ونجد آخر الكتاب معلومات متفرقة عن تحديد مواضع لا يرتبط بعضها ببعض، إلا برابط واحد، هو ورودها في شعر كثير عزة، وتحديدها يقوم على أساس إيضاح موقع المكان بدون ارتباط بغيره، مما يدل على أن ذلك منقول من أحد شروح شعر ذلك الشاعر، وبمطابقة ما جاء في كتابنا هذا بما أورده البكري وياقوت منسوبا إلى ابن السكيت يمكن الجزم بأن ما جاء في هذا الكتاب منقول نقلا حرفيا عن شرح ابن السكيت لشعر كثير، الذي ذكره البكري في «معجم ما استعجم» - مادة غراب - وهذا دليل آخر على أن الكتاب ليس للأصمعي. بل نجد الكتاب ينتقل إلى أشياء لا صلة لها بتحديد الأمكنة، فنجده - ص ٢١٧ - يتحدث عن انساب قبيلة بني وبر وذكر مشاهيرهم - استطرادا - ونجده - ٢٤٦ - يورد معلومات لغوية لا صلة لها بما قبلها أو بعدها.
وفي الكتاب إشارة إلى النقل من كتب، فقد جاء - في ص ٦٢ - :(وفي كتاب آخر: الطريقة لابن خالد بن نضلة) وهذا نص صريح بالنقل من كتاب، والاصمعي - كما هو معروف - ينقل عن رواة لا عن كتب.