{وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}: لا يؤاخذ (١) بالخطأ، ويقبلُ التوبة من المتعمِّد.
وعن عائشة رضي اللَّه عنها قالت: إن أبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس -وكان ممن شهد بدرًا- تبنَّى سالمًا وأنكحه ابنةَ أخيه هند بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة، وهو مولى امرأةٍ من الأنصار، كما تبنى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- زيدًا، وكان مَن تبنى رجلًا في الجاهلية دعاه الناس إليه، وورث من ميراثه، حتى أنزل اللَّه تعالى:{ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ} الآية، فرُدُّوا إلى آبائهم، فمَن لم يُعلم له أبٌ كان أخًا في الدِّين (٢).
وقوله:{النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ}: أي: أحَقُّ بالمؤمنين بأنْ يَحكم عليهم من أنفسهم فيما يحكمون به لأنفسهم مما يخالف حكمَه.
وقيل:{مِنْ أَنْفُسِهِمْ}؛ أي: من بعضهم لبعض؛ كما قال:{فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ}[النور: ٦١]، {وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ}[الحجرات: ١١]؛ أي: فهذه رتبةُ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ومع هذا هو لا يرث أحدًا من أمته إلا بقرابة، فكذلك أدعياؤكم لا يرثونكم لأنه لا قرابة بينكم.
وفي مصحف أبيٍّ:(النَّبيُّ أَوْلَى بالمؤمِنينَ مِن أنفُسِهم وهو أبٌ لهم)(٣).
(١) في (ر): "يؤاخذكم". (٢) رواه البخاري (٥٠٨٨). (٣) رويت عن أبي بن كعب رضي اللَّه عنه في "تفسير عبد الرزاق" (٢/ ٢١١)، وعن ابن عباس رضي اللَّه عنهما في "المستدرك" (٣٥٥٦). وعن ابن مسعود أو أبيٍّ في "معاني القرآن" للفراء (٢/ ٣٣٥).