وقال الحسن هذا تكذيبٌ لرجل كان يقول: إن لي قلبين: قلبٌ يأمرني بكذا وقلبٌ ينهاني عنه (٣).
وقيل: كان المنافقون مذبذبين، إذا لقوا المؤمنين قالوا: إنَّا معكم، وإذا خلَوا إلى شياطينهم قالوا: إنَّا معكم، فعوتب واحد منهم على ذلك فقال: لي قلبان؛ قلبٌ مع هؤلاء وقلبٌ مع هؤلاء، فردَّ اللَّه ذلك.
وقيل -وهو الأوجه والأوفق للنظم، ويتصل بقوله:{وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ} -: إن معناه: أن طاعة الكافرين والمنافقين لا تجامع الإيمان باللَّه في قلب؛ كما تقول العرب: لا يجتمع سيفان في غِمْدٍ (٤)، ومجازه: أن الاعتقاد من أعمال (٥) القلب، فإذا كان قلبان لا يجتمعان في جوفٍ (٦)، فكذا اعتقادان متنافيان لا يجتمعان في قلب.
وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: الحكمة فيما لم يَجعل لواحدٍ قلبين وجعَل له سمعين وبصرين: أن الإدراك بالسمع والبصر يكون بالمشاهدة، فيخرج ذلك مخرجَ
(١) في (ف): "الدعي". (٢) رواه عنهما الطبري في "تفسيره" (١٩/ ٨)، وعن قتادة عبد الرزاق في "تفسيره" (٢٣١١). (٣) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" (٢٣١٢)، والطبري في "تفسيره" (١٩/ ٧). (٤) بعدها في (أ): "واحد". (٥) في (ر): "عمل". (٦) بعدها في (ر): "واحد".