ونصارى (١) أهل نجران {وَالْأُمِّيِّينَ}: مشركي العرب، وقد بيَّنَّا وجوهه في قوله:{وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ}[البقرة: ٧٨].
قوله تعالى:{أَأَسْلَمْتُمْ}: استفهامٌ بمعنى الأَمْر، كما في قوله تعالى:{فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ}[المائدة: ٩١]، وهو كقولك: أَتنزلُ وتأكلُ معنا.
وقوله تعالى:{فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا}: أي: أَسلموا وجوهَهم كما أسلمتُم أنتم (٢) فقد رشدوا.
وقوله تعالى:{وَإِنْ تَوَلَّوْا}: أي: أَعرضوا عن ذلك (٣){فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ} أي: تبليغُ الرِّسالة، وليس بيدك أنْ تَمنعهم عن التولِّي، وكان هذا حين لم يُؤمَر بالقتال، ثم أُمر به.
ولمَّا نزل هذا دعاهم إلى الإسلام، فقالوا: قد أَسلمنا، فقال لليهود:"أَتشهدون أنَّ عيسى كلمةٌ مِن اللَّه ورُوحٌ منه؟ " قالوا: معاذ اللَّه، وقال للنصارى:"أَتشهدون أنَّ عيسى عبدُ اللَّه ورسولُه"؟ قالوا: معاذَ اللَّهِ، ولكنَّه اللَّهُ، فذلك تولِّيهم عن الإسلام (٤).
وقوله تعالى:{وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}: أي: هو (٥) يَراهم ولا يَغفُل، وهذا وعيدٌ، وقيل: أي: بصير بجزاء أعمالهم، وقيل: أي: بصيرٌ بما أسرُّوا وأَعلنوا.
(١) في (ر) و (ف): "والنصارى". (٢) "أنتم" لم يرد في (أ). (٣) بعدها في (ف): "قوله تعالى". (٤) انظر: "تفسير الثعلبي" (٣/ ٣٦)، و"تفسير البغوي" (١/ ٢٨٧). (٥) "هو" لم يرد في (أ).