فإن النهي عن الشيء أمر بأحد أضداده، ولو كان التلبس بالضد واجبا (١)، لذكر على ما قررناه، فصار من لوازم النهي الأمر بالضد، ومن لوازم الأمر بالضد ذكره في الحديث -على ما قررناه-، فإذا انتفى ذكر -أعني: ذكر الأمر بالتلبس بالضد-، انتفى ملزومه، [وهو الأمر بالضد، وإذا اناتفى الأمر بالضد انتفى ملزومه](٢) وهو النهي عن ذلك الشيء؛ فهذه الطرق الثلاث يمكن الاستدلال بها على شيء كثير من المسائل المتعلقة بالصلاة، إلا أن على طالب التحقيق في هذا ثلاث وظائف:
إحداها: أن يجمع طرق هذا الحديث، ويحصي الأمور المذكورة فيه، ويأخذ بالزائد فالزائد؛ فإن الأخذ بالزائد واجب.
وثانيها: إذا أقام دليلا على أحد الأمرين؛ إما على عدم الوجوب، أو الوجوب: فالواجب يعمل به ما لم يعارضه ما هو أقوى منه، وهذا في باب النفي (٣) يجب التحرز فيه أكثر، فلينظر عند التعارض أقوى الدليلين يعمل به.
وعندنا: أنه إذا (٤) استدل على عدم الوجوب الشيء بعدم ذكره في الحديث، وجاءت صيغة الأمر به في حديث آخر، فالمقدم صيغة الأمر، وإن كان يمكن أن يقال: الحديث دليل على عدم الوجوب،
(١) "واجبا" ليس في "ق". (٢) ما بين معكوفتين زيادة من "ق". (٣) في "ق": "النهي". (٤) "إذا" ليس في "ق".