الثالث: قوله: (رأيت سكوتك»: روايتنا في بضم (١) التاء من رأيت، وهي من رؤية القلب لا العين.
فيه: الحصر على تتبع أقوال الإمام وأفعاله من حركة وسكون، وهذا كان دأب الصحابة - رضي الله عنهم - معه -عليه الصلاة والسلام-؛ محافظة على الاقتداء به، وذلك من نعم الله - عز وجل - على هذه الأمة؛ إذ هم الذين نقلوا الشريعة إلينا، ولو تساهلوا في ذلك لاختل النظام.
وتسمية ذلك سكوتا: مجاز (٢)؛ إذ لم يسكت -عليه الصلاة والسلام-، وإنما المراد هنا: السكت على الجهر، وهو في الحقيقة لا يسمى سكوتا؛ إنما الساكت من ترك الكلام مطلقا، ألا ترى أنه يقال: قرأ سرا، وتكلم سرا.
ويوضح ذلك قوله: ما تقول؟ ولم يقل: هل تقول؟ والسؤال بهل قبل السؤال بما؛ كما كان السؤال بأو قبل السؤال بأم في نحو قولك: أزيد في الدار، أو عمرو؟ على ما هو مقرر في كتب العربية، ولعله استدل على أصل القول بحركة الفم؛ كما ورد في استدلالهم على إسرار (٣) القراءة باضطراب لحيته -عليه الصلاة والسلام-.
= القرطبي ذكر في "المفهم" (٢/ ٢١٦): أن "هنيئة" بضم الهاء، وياء التصغير، وهمزة مفتوحة؛ كحُطَيئة، رواية الجمهور. (١) في "ق": "ضم". (٢) في "خ": "مجازًا". (٣) في "ق": "أصل" بدل "إسرار".