الفجر، فإذا طلع الفجر، حرم ذلك عليه، ولما كان بلال يؤذن قبل الفجر، جاز الأكل والشرب حينئذ، ولما كان ابن أم مكتوم لا يؤذن إلا بعد انفجار الفجر، جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - أذانه غاية للمنع من الأكل والشرب، ومن هذا قوله تعالى:{وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ}[البقرة: ١٨٧]، فجعل (حتى) غاية للتبيين.
قال ابن عطية: والمراد به فيما قال جميع العلماء: بياض النهار، وسواد الليل، وهو نص قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لعدي بن حاتم في حديثه المشهور (١).
قلت: الحديث: أن عدي بن حاتم - رضي الله عنه - قال: عمدت إلى عِقالين أبيض وأسود، فجعلتهما تحت وسادي (٢)، فكنت أقوم من الليل، فأنظر إليهما، فلا يتبين لي الأبيض من الأسود، فلما أصبحت، غدوت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأخبرته، فضحك، وقال:«إن كان وسادك لعريضا»(٣)، وروي:«إنك لعريض القفا، إنما ذلك بياض النهار، وسواد الليل»(٤).
(١) انظر: «المحرر الوجيز» لابن عطية (١/ ٢٥٨). (٢) في (ق): "وسادتي". (٣) رواه البيهقي في «السنن الكبرى» (٤/ ٢١٥) بهذا اللفظ. (٤) رواه البخاري (٤٢٤٠)، كتاب: التفسير، باب: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: ١٨٧]، ومسلم (١٠٩٠)، كتاب: الصيام، باب: بيان أن الدخول في الصونم يحصل بطلوع الفجر.