قالوا: فالقضاءُ محنةٌ، ومن دخل فيه، فقد ابتُلي بعظيم؛ لأنه عرَّض نفسه للهلاك، إذ التخلصُ منه على من ابتُلي به عسيرٌ (١)، ولذلك قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ وَلِيَ القَضَاءَ، فقد (٢) ذُبِحَ بِغَيْرِ سِكِّينٍ"(٣).
قال (٤) الخطابي: معنى الكلام: التحذيرُ من طلبِ القضاء والحرصِ عليه بقول من تصدَّى للقضاء، فقد (٥) تعرَّض للذبح، فليحذَرْه (٦)، ولْيتوقَّهُ.
وقوله:"بغير سكين" يحتمل وجهين:
أحدهما: أن الذبحَ إنما يكون في ظاهر العرف وغالبِ العادة بالسكين، فعدل به -صلى اللَّه عليه وسلم- عن ظاهر العرف، وصرَفَه عن سنن العادة إلى غيرها؛ ليعلمَ أن الذي أراده بهذا القول إنما هو ما يخاف عليه من هلاك دينه دونَ هلاك بدنه.
(١) في "ت": "عسر". (٢) "فقد" ليس في "خ". (٣) رواه أبو داود (٣٥٧١، ٣٥٧٢)، كتاب: الأقضية، باب: في طلب القضاء، والترمذي (١٣٢٥)، كتاب: الأحكام، باب: ما جاء عن رسول اللَّه في القاضي، وابن ماجه (٢٣٠٨)، كتاب: الأحكام، باب: ذكر القضاة، والحاكم في "المستدرك" (٧٠١٨)، من حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-. (٤) في "ز": "وقال". (٥) في "ز" زيادة: "ذبح أو". (٦) في "ز": "فليحذر".