قال العلماء: سرُّ النهي عن ذلك كراهةُ أن يشرك في التعظيم غير اللَّه جلَّ وعز وعلا.
وقد قال ابن عباس (١): لأَنْ أَحْلِفَ باللَّه، فَآثَمَ -بمد الهمزة- أحبُّ إليَّ من أن أُضاهي.
ومعنى أضاهي: أحلف بغير اللَّه تعالى، وقيل: معناه: الخديعة، يُرَى أنه حلفَ وما حلفَ، والأول (٢) أظهر، ويدلُّ عليه ما روي عنه -أيضًا-: لأَنْ أَحْلِفَ باللَّه على مئة مرة، فَآثَمَ، خَيْرٌ من أن أحلف بغيره فَأَبَرَّ، فلهذا نَهَى عن اليمين بسائر المخلوقات.
فإن قلت: فما تصنعُ بقوله -عليه الصلاة والسلام- للأعرابي:"أَفْلَحَ -وَأَبِيهِ- إِنْ صَدَقَ"(٣)؟
قلت: عنه جوابان: أن هذا كان جاريًا على ألسنتهم، لم يقصدوا به القسم.
والثّاني: أنه على حذف مضاف؛ أي: وربِّ أبيه.
وهذا كله في حقنا؛ للمعنى المتقدم، وأما الباري -جل، وتعالى، وتقدس-، فله أن يعظِّمَ من مخلوقاته ما شاء، فيقسم بالطور،
(١) في "ت": "قال" مكان "وقد قال ابن عباس". (٢) في "خ": "فالأول". (٣) رواه مسلم (١١)، كتاب: الإيمان، باب: بيان الصلوات التي هي أحد أركان الإسلام، من حديث طلحة بن عبيد اللَّه -رضي اللَّه عنه-.