ولتعلمْ (١): أنه إنما يجوز لهم الحلفُ إذا علموا أو ظنوا ذلك، وإنما عرضَ عليهم النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- اليمينَ إن وُجد فيهم ذلك الشرط، وليس المرادُ الإذنَ لهم في الحلف من غير علمٍ، ولا ظنٍّ، والتقدير: أتعلمون ذلك، أو تظنونه، فتحلفون؟ ولذلك قالوا:"كيف نحلفُ ولم نشهدْ".
الخامس: قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فتبرِئُكم يهودُ بأيمان خمسين"؛ أي: تُبري إليكم من دعواكم بخمسين يمينًا، وقيل: معناه: يخلصونكم من اليمين بأن يحلفوا، فإذا حلفوا، انتهت الخصومةُ، ولم يثبتْ عليهم شيء، فخلصتم أنتم من اليمين.
وفيه: دليلٌ لصحة يمينِ الكافرِ والفاسق، وأن الحكمَ بين المسلم والذميِّ؛ كالحكمِ بين المسلمين.
ويهود: لا ينصرفُ؛ للتأنيث والعلمية؛ إذ المراد به: القبيلة، أو الطائفة (٢)، ومنه قول الشاعر:
(١) في "ت": "ولتعلموا". (٢) انظر: "شرح مسلم" للنووي (١١/ ١٤٧). (٣) قال ابن بري: البيت للأسود بن يعفر. قال يعقوب: معنى صمي: اخرسي يا داهية، وصمام: اسم الداهية. انظر: "لسان العرب" لابن منظور (٣/ ٤٣٩).