والمعتمد من مذهبنا، ومذهب الشافعي، وأبي حنيفة: كراهةُ التفضيل، لا تحريمُه، فإن وقع، مضى، ولم يُرَدَّ، وقال طاوس وعروة ومجاهد والثوري وأحمد وإسحاق وداود: هو حرام ويردّ (١)، واحتجوا برواية (٢): "لَا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرِ"(٣)، وبغيرِها من ألفاظ الحديث.
ودليلُ المجيزين مع الكراهة: قوله: -عليه الصلاة والسلام-: "فأَشْهِدُ (٤) عَلَى هَذَا (٥) غَيْرِي"، قالوا: ولو كان حرامًا، أو باطلًا، لما قالَ هذا الكلامَ، وأجابوا عن رواية:"لَا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ": بأن الجَوْرَ في اللغةِ هو: الميلُ عن الاستواءِ والاعتدال، فكلُّ ما خرجَ عن الاعتدالِ، فهو جَوْرٌ، وسواءٌ كانَ حرامًا، أو مكروهًا، فيجب تأويلُ الجَوْرِ هنا بكراهةِ التنزيه؛ جمعًا بين الروايتين، أعني: رواية: "أَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي"، ورواية:"لا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ"(٦).
(١) قوله: "وقال طاووس وعروة ومجاهد والثوري وأحمد وإسحاق وداود: هو حرام ويرد" سقط من "خ". (٢) في "ت": "بقوله". (٣) رواه ابن حبان في "صحيحه" (٥١٠٧). (٤) في "خ": "فاشهدوا". (٥) في "ت": "عليها". (٦) في "ت": "لا أشهد على جور" ورواية "أشهد عليها غيري".