وأما مالك رحمه اللَّه، فعرف الأحاديثَ كلَّها، واستعملَها في مواضعها، كما تقدم من قول القاضي أبي الوليد.
وعاشرها: قوله -عليه الصلاة والسلام-: "قضاءُ اللَّهِ أَحَقُّ، وشرطُ اللَّهِ أوثقُ" أي (١): أحقُّ بالاتباعِ من الشروطِ المخالِفَةِ لحكمِ الشرع، وشرطُه أوثق باتباعِ حدودِه التي حَدَّها، وظاهرُ هذا: عدم اشتراطِ المشاركةِ بين المفضَّلِ والمفضَّل عليه؛ إذ ما شرطوه من ثبوت (٢) الولاء لهم باطلٌ؛ كما قال -عليه الصلاة والسلام-، ولا مشاركةَ بين الحقِّ والباطل، إلا أن يقال: إن ذلك جاء على ما اعتقدوه أولًا من الجواز، أو على أن صيغة (أفعل)(٣) ليست على بابها، ويكون كقوله تعالى:{وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ}[الروم: ٢٧]؛ أي: هين، وقوله -عليه الصلاة والسلام- في الحديث الآخر:"أَسْفِرُوا بِالفَجْرِ، فَهُوَ أَعْظَمُ لِلأَجْرِ"(٤)، وإن أعظمَ بمعنى: عظيم -على ما تقرر فيه-، واللَّه أعلم.
الحادية عشرة: في الحديث: دليل على جواز كتابة الأنثى، وذاتِ الزوج من الإماء، ودخولهنَّ (٥) في عموم قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ}[النور: ٣٣] الآيةَ؛ فإن الزوج لا يدخل في كتابتها، وإنه
= البطليوسي (ص: ١١٧). (١) "أي" ليست في "خ". (٢) "عليه؛ إذ ما شرطوه من ثبوت" ليس في "ز". (٣) في "ت": "أفعله". (٤) تقدم تخريجه. (٥) في "ت": "ودخولهم".