عليه؛ لما وقع في بعض طرق هذا الحديث أعني: تقديمَ الحِلاق (١) على الرمي.
قال الإمام المازري: ومحملُ هذا عندنا على نفي الإثم، لا الفدية، وحمله المخالف عليهما جميعًا، وهكذا حمل (٢) ابن الماجشون -أيضًا- قوله -عليه الصلاة والسلام- في الحلق قبل النحر:"انْحَرْ وَلا حَرَجَ" على نفي الإثمِ، لا الفدية، لأنه يرى أن مَنْ حلقَ قبل الذبح فقد أخطأ، وعليه الفدية؛ لقوله تعالى:{وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ}[البقرة: ١٩٦]، والمشهور عندنا: لا فدية عليه، ويحمل قوله -عليه الصلاة والسلام-: "وَلَا حَرَجَ" على نفي الإثمِ والفديةِ جميعًا، ويُحمل قولُهُ تعالى:{وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ}[البقرة: ١٩٦] على وصوله إلى منى، لا نحره (٣).
قلت: ومنشأ هذا الخلاف -أعني: وجوبَ الفدية في تقديم الحلق على الرمي، وعدمَ وجوبها- ينبني على الخلاف في مسألة، وهي: أن الحلق نسك، أو (٤) استباحة محظور؟ فإن قلنا: إنه نُسُك، جاز تقديمُه على الرمي؛ لكونه من أسباب التحلل، وإلا، لم يجز؛ لما تقدم من
(١) في "ت": "الخلاف". (٢) "حمل" ليس في "ت". (٣) انظر: "المعلم" للمازري (٢/ ٩٩)، و"إكمال المعلم" للقاضي عياض (٤/ ٣٨٧). (٤) في "ت": "و".