واحتج -أيضًا- بما جاء في الحديث من قولهم: تمتع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.
وأجيب: بأن (١) المرادَ بالتمتُّع: التمتُّع اللغوي -كما تقدم-، ولم يُرد به المتعةُ المطلقة؛ لأنه -عليه الصلاة والسلام- تمنَّاها، ولو كان فيها، ما تمناها.
قال ابن العربي: وأما التمني، فلا حجة فيه؛ لأنه إنما تمنى المتعةَ رِفْقًا بأمته، وتَطييبًا لنفوسهم حين أَمرهم بها، فقالوا: كيف نفعلُها وأنت لم تفعلْها (٢)؟!
واحتج مالك والشافعي -رحمهما اللَّه- على ما ذهبا إليه من أفضلية الإفراد: بأن الخلفاء الراشدين -رضي اللَّه عنهم- واظَبوا على إِفراده، وإن كان قد اختلفَ فعلُ عليٍّ -رضي اللَّه عنه-، ولو لم يكن الإفرادُ أفضلَ، وعلموا أن النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- حجَّ مُفْرِدًا، لم يواظبوا عليه، مع أنهم الأئمةُ الأعلام، وقادةُ الإسلام، ويُقتدى بهم في عصرهم وبعدَهم.
قالوا: وكيف نظن فيهم (٣) المواظبةَ على خلافِ فعلِ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقد اتصلَ عملُ أهلِ المدينة بذلك، أعني: بالإفراد (٤)؟
وأما الخلاف عن عليٍّ -رضي اللَّه عنه-، وعن غيره، فقيل: إنما فعلوه (٥) لبيان
(١) في "ت": "إلى أن". (٢) المرجع السابق (١٠/ ٢١٠). (٣) في "ت": "بهم"، وفي "ز": "يظن بهم". (٤) في "ت": "الإفراد". (٥) في "ت": "جعلوه".